قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين
أي: قل لهؤلاء الذين أشركوا بالله أوثانا وأندادا لا تملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، قل لهم -مبينا عجز أوثانهم وأنها لا تستحق شيئا من العبادة-: أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات هل خلقوا من أجرام السماوات والأرض شيئا؟ هل خلقوا جبالا؟ هل أجروا أنهارا؟ هل نشروا حيوانا؟ هل أنبتوا أشجارا؟ هل كان منهم معاونة على خلق شيء من ذلك؟
لا شيء من ذلك بإقرارهم على أنفسهم فضلا عن غيرهم، فهذا دليل عقلي قاطع على أن كل من سوى الله فعبادته باطلة.
ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي فقال: ائتوني بكتاب من قبل هذا الكتاب يدعو إلى الشرك أو أثارة من علم موروث عن الرسل يأمر بذلك. من المعلوم أنهم عاجزون أن يأتوا عن أحد من الرسل بدليل يدل على ذلك، بل نجزم ونتيقن أن وهي أعظم ما يؤثر عنهم من العلم قال تعالى: جميع الرسل دعوا إلى توحيد ربهم ونهوا عن الشرك به، ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وكل رسول قال لقومه: " اعبدوا الله ما لكم من إله غيره " [ ص: 1642 ] فعلم أن جدال المشركين في شركهم غير مستندين فيه على برهان ولا دليل وإنما اعتمدوا على ظنون كاذبة وآراء كاسدة وعقول فاسدة. يدلك على فسادها استقراء أحوالهم وتتبع علومهم وأعمالهم والنظر في حال من أفنوا أعمارهم بعبادته هل أفادهم شيئا في الدنيا أو في الآخرة؟
ولهذا قال تعالى: ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة أي: مدة مقامه في الدنيا لا ينتفع به بمثقال ذرة وهم عن دعائهم غافلون لا يسمعون منهم دعاء ولا يجيبون لهم نداء هذا حالهم في الدنيا، ويوم القيامة يكفرون بشركهم.
وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء يلعن بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض وكانوا بعبادتهم كافرين