الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين
(172-173) لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من "أحد" إلى المدينة، وسمع أن ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى أبا سفيان المدينة، ندب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا -على ما بهم من الجراح- استجابة لله ولرسوله، وطاعة لله ولرسوله، فوصلوا إلى "حمراء الأسد" وجاءهم من جاءهم وقال لهم: إن الناس قد جمعوا لكم وهموا باستئصالكم، تخويفا لهم وترهيبا، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله واتكالا عليه.
وقالوا حسبنا الله أي: كافينا كل ما أهمنا ونعم الوكيل المفوض إليه تدبير عباده، والقائم بمصالحهم.
(174) فانقلبوا أي: رجعوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء .
وجاء الخبر المشركين أن الرسول وأصحابه قد خرجوا إليكم، وندم من تخلف منهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم، واستمروا راجعين إلى مكة، ورجع المؤمنون بنعمة من الله وفضل، حيث من عليهم بالتوفيق للخروج بهذه الحالة والاتكال على ربهم، ثم إنه قد كتب لهم أجر غزاة تامة، فبسبب إحسانهم بطاعة ربهم، وتقواهم عن معصيته، لهم أجر عظيم، وهذا فضل الله عليهم.
(175) ثم قال تعالى: إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه أي: إن ترهيب من رهب من المشركين، وقال: إنهم جمعوا لكم داع من دعاة الشيطان [ ص: 262 ] يخوف أولياءه الذين عدم إيمانهم، أو ضعف. فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين أي: فلا تخافوا المشركين أولياء الشيطان، فإن نواصيهم بيد الله، لا يتصرفون إلا بقدره، بل خافوا الله الذي ينصر أولياءه الخائفين منه المستجيبين لدعوته.
وفي هذه الآية فعلى قدر إيمان العبد يكون خوفه من الله، والخوف المحمود: ما حجز العبد عن محارم الله. وجوب الخوف من الله وحده، وأنه من لوازم الإيمان،