[ ص: 791 ] nindex.php?page=treesubj&link=32223_32445_32446_34178_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون nindex.php?page=treesubj&link=34178_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين nindex.php?page=treesubj&link=34178_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون nindex.php?page=treesubj&link=31895_32223_32445_32446_34178_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=46يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون nindex.php?page=treesubj&link=31895_34238_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون nindex.php?page=treesubj&link=31895_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون nindex.php?page=treesubj&link=31895_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون
لما أراد الله تعالى أن يخرج
يوسف من السجن أرى الله الملك هذه الرؤيا العجيبة ، التي تأويلها يتناول جميع الأمة ؛ ليكون تأويلها على يد
يوسف ، فيظهر من فضله ويبين من علمه ما يكون له رفعة في الدارين ، ومن التقادير المناسبة أن الملك الذي ترجع إليه أمور الرعية هو الذي رآها ؛ لارتباط مصالحها به ، وذلك أنه رأى رؤيا هالته ، فجمع لها علماء قومه وذوي الرأي منهم وقال :
(43
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع أي : سبع من البقرات
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43عجاف : وهذا من العجب أن السبع العجاف الهزيلات اللاتي سقطت قوتهن يأكلن السبع السمان التي كن نهاية في القوة . ( و ) رأيت " سبع سنبلات خضر " يأكلهن سبع سنبلات يابسات ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي : لأن تعبير الجميع واحد ، وتأويله شيء واحد .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43إن كنتم للرؤيا تعبرون .
(44 ) فتحيروا ، ولم يعرفوا لها وجها ؛ و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44قالوا أضغاث أحلام أي : أحلام لا حاصل لها ولا لها تأويل . وهذا جزم منهم بما لا يعلمون وتعذر منهم بما ليس بعذر . ثم قالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين أي : لا نعبر إلا الرؤيا ، وأما الأحلام التي هي من الشيطان ، أو من حديث النفس ، فإنا لا نعبرها . فجمعوا بين الجهل والجزم ، بأنها أضغاث أحلام ، والإعجاب بالنفس ، بحيث إنهم لم يقولوا : لا نعلم تأويلها ! وهذا من الأمور التي لا تنبغي لأهل الدين والحجا ، وهذا أيضا من لطف الله
بيوسف عليه السلام . فإنه لو عبرها ابتداء - قبل أن يعرضها على الملأ من قومه وعلمائهم فيعجزوا عنها ؛ لم يكن لها ذلك الموقع ، ولكن لما عرضها عليهم فعجزوا عن الجواب ، وكان الملك مهتما لها غاية ، فعبرها
يوسف- وقعت عندهم موقعا عظيما .
[ ص: 792 ] وهذا نظير إظهار الله
nindex.php?page=treesubj&link=31812فضل آدم على الملائكة بالعلم ، بعد أن سألهم فلم يعلموا ، ثم سأل
آدم ، فعلمهم أسماء كل شيء ، فحصل بذلك زيادة فضله ، وكما يظهر
nindex.php?page=treesubj&link=28753فضل أفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم في القيامة ، أن يلهم الله الخلق أن يتشفعوا
بآدم ، ثم
بنوح ، ثم
إبراهيم ، ثم
موسى ، ثم
عيسى عليهم السلام ، فيعتذرون عنها ، ثم يأتون
محمدا صلى الله عليه وسلم ، فيقول :
"أنا لها أنا لها" فيشفع في جميع الخلق ، وينال ذلك المقام المحمود ، الذي يغبطه به الأولون والآخرون ، فسبحان من خفيت ألطافه ، ودقت في إيصاله البر والإحسان ، إلى خواص أصفيائه وأوليائه .
(45
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وقال الذي نجا منهما أي : من الفتيين ، وهو : الذي رأى أنه يعصر خمرا ، وهو الذي أوصاه
يوسف أن يذكره عند ربه
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وادكر بعد أمة أي : وتذكر
يوسف وما جرى له في تعبيره لرؤياهما وما وصاه به ، وعلم أنه كفيل بتعبير هذه الرؤيا بعد مدة من السنين ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون إلى
يوسف لأسأله عنها .
(46 ) فأرسلوه ، فجاء إليه ، ولم يعنفه
يوسف على نسيانه ، بل استمع ما يسأله عنه ، وأجابه عن ذلك ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=46يوسف أيها الصديق أي : كثير الصدق في أقواله وأفعاله .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=46أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون : فإنهم متشوقون لتعبيرها ، وقد أهمتهم .
(47 ) فعبر
يوسف السبع البقرات السمان والسبع السنبلات الخضر بأنهن سبع سنين مخصبات ، والسبع البقرات العجاف ، والسبع السنبلات اليابسات بأنهن سنين مجدبات ، ولعل وجه ذلك - والله أعلم - أن الخصب والجدب لما كان الحرث مبنيا عليه ، وأنه إذا حصل الخصب قويت الزروع والحروث وحسن منظرها وكثرت غلالها ، والجدب بالعكس من ذلك ، وكانت البقر هي التي تحرث عليها الأرض ، وتسقى عليها الحروث في الغالب ، والسنبلات هي أعظم الأقوات وأفضلها ؛ عبرها بذلك لوجود المناسبة ، فجمع لهم في تأويلها بين التعبير والإشارة لما يفعلونه ، ويستعدون به من التدبير في سني الخصب ، إلى سني الجدب، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47تزرعون سبع سنين دأبا أي : متتابعات ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47فما حصدتم من تلك الزروع
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47فذروه أي :
[ ص: 793 ] اتركوه
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47في سنبله : لأنه أبقى له وأبعد من الالتفات إليه
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47إلا قليلا مما تأكلون أي : دبروا أيضا أكلكم في هذه السنين الخصبة ، وليكن قليلا ليكثر ما تدخرون ويعظم نفعه ووقعه .
(48
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48ثم يأتي من بعد ذلك أي : بعد تلك السنين السبع المخصبات .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48سبع شداد أي : مجدبات جدا
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48يأكلن ما قدمتم لهن أي : يأكلن جميع ما ادخرتموه ولو كان كثيرا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48إلا قليلا مما تحصنون أي : تمنعونه من التقديم لهن .
(49
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49ثم يأتي من بعد ذلك أي : بعد السبع الشداد
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون أي : فيه تكثر الأمطار والسيول ، وتكثر الغلات ، وتزيد على أقواتهم حتى إنهم يعصرون العنب ونحوه زيادة على أكلهم ، ولعل استدلاله على وجود هذا العام الخصب مع أنه غير مصرح به في رؤيا الملك ؛ لأنه فهم من التقدير بالسبع الشداد أن العام الذي يليها يزول به شدتها ، ومن المعلوم أنه لا يزول الجدب المستمر سبع سنين متواليات إلا بعام مخصب جدا ؛ وإلا لما كان للتقدير فائدة .
فلما رجع الرسول إلى الملك والناس ، وأخبرهم بتأويل يوسف للرؤيا ؛ عجبوا من ذلك ، وفرحوا بها أشد الفرح .
[ ص: 791 ] nindex.php?page=treesubj&link=32223_32445_32446_34178_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=34178_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=34178_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ nindex.php?page=treesubj&link=31895_32223_32445_32446_34178_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=46يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31895_34238_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31895_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31895_28983nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُخْرِجَ
يُوسُفَ مِنَ السِّجْنِ أَرَى اللَّهُ الْمَلِكَ هَذِهِ الرُّؤْيَا الْعَجِيبَةَ ، الَّتِي تَأْوِيلُهَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأُمَّةِ ؛ لِيَكُونَ تَأْوِيلُهَا عَلَى يَدِ
يُوسُفَ ، فَيُظْهِرُ مِنْ فَضْلِهِ وَيُبَيِّنُ مِنْ عِلْمِهُ مَا يَكُونُ لَهُ رِفْعَةً فِي الدَّارَيْنِ ، وَمِنَ التَّقَادِيرِ الْمُنَاسِبَةِ أَنَّ الْمَلِكَ الَّذِي تَرْجِعُ إِلَيْهِ أُمُورُ الرَّعِيَّةِ هُوَ الَّذِي رَآهَا ؛ لِارْتِبَاطِ مَصَالِحِهَا بِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا هَالَتْهُ ، فَجَمَعَ لَهَا عُلَمَاءَ قَوْمِهِ وَذَوِي الرَّأْيِ مِنْهُمْ وَقَالَ :
(43
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ أَيْ : سَبْعٌ مِنَ الْبَقَرَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43عِجَافٌ : وَهَذَا مِنَ الْعَجَبِ أَنَّ السَّبْعَ الْعِجَافَ الْهَزِيلَاتِ اللَّاتِي سَقَطَتْ قُوَّتُهُنَّ يَأْكُلْنَ السَّبْعَ السِّمَانَ الَّتِي كُنَّ نِهَايَةً فِي الْقُوَّةِ . ( وَ ) رَأَيْتُ " سَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ " يَأْكُلُهُنَّ سَبْعُ سُنْبُلَاتٍ يَابِسَاتٍ ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ : لِأَنَّ تَعْبِيرَ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ ، وَتَأْوِيلَهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=43إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ .
(44 ) فَتَحَيَّرُوا ، وَلَمْ يَعْرِفُوا لَهَا وَجْهًا ؛ و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ أَيْ : أَحْلَامٌ لَا حَاصِلَ لَهَا وَلَا لَهَا تَأْوِيلٌ . وَهَذَا جَزْمٌ مِنْهُمْ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَتَعَذُّرٌ مِنْهُمْ بِمَا لَيْسَ بِعُذْرٍ . ثُمَّ قَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=44وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ أَيْ : لَا نَعْبُرُ إِلَّا الرُّؤْيَا ، وَأَمَّا الْأَحْلَامُ الَّتِي هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، أَوْ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ ، فَإِنَّا لَا نَعْبُرُهَا . فَجَمَعُوا بَيْنَ الْجَهْلِ وَالْجَزْمِ ، بِأَنَّهَا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ، وَالْإِعْجَابُ بِالنَّفْسِ ، بِحَيْثُ إِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا : لَا نَعْلَمُ تَأْوِيلَهَا ! وَهَذَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَنْبَغِي لِأَهْلِ الدِّينِ وَالْحِجَا ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ لُطْفِ اللَّهِ
بِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . فَإِنَّهُ لَوْ عَبَرَهَا ابْتِدَاءً - قَبْلَ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَى الْمَلَأِ مِنْ قَوْمِهِ وَعُلَمَائِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا ؛ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ الْمَوْقِعُ ، وَلَكِنْ لَمَّا عَرَضَهَا عَلَيْهِمْ فَعَجَزُوا عَنَ الْجَوَابِ ، وَكَانَ الْمَلِكُ مُهْتَمًّا لَهَا غَايَةً ، فَعَبَرَهَا
يُوسُفُ- وَقَعَتْ عِنْدَهُمْ مَوْقِعًا عَظِيمًا .
[ ص: 792 ] وَهَذَا نَظِيرُ إِظْهَارِ اللَّهِ
nindex.php?page=treesubj&link=31812فَضْلَ آدَمَ عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِالْعِلْمِ ، بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُمْ فَلَمْ يَعْلَمُوا ، ثُمَّ سَأَلَ
آدَمُ ، فَعَلَّمَهُمْ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، فَحَصَلَ بِذَلِكَ زِيَادَةُ فَضْلِهِ ، وَكَمَا يُظْهِرُ
nindex.php?page=treesubj&link=28753فَضْلَ أَفْضَلِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِيَامَةِ ، أَنْ يُلْهِمَ اللَّهُ الْخَلْقَ أَنْ يَتَشَفَّعُوا
بِآدَمَ ، ثُمَّ
بِنُوحٍ ، ثُمَّ
إِبْرَاهِيمَ ، ثُمَّ
مُوسَى ، ثُمَّ
عِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، فَيَعْتَذِرُونَ عَنْهَا ، ثُمَّ يَأْتُونَ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُ :
"أَنَا لَهَا أَنَا لَهَا" فَيَشْفَعُ فِي جَمِيعِ الْخَلْقِ ، وَيَنَالُ ذَلِكَ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ ، الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ ، فَسُبْحَانَ مَنْ خَفِيَتْ أَلْطَافُهُ ، وَدَقَّتْ فِي إِيصَالِهِ الْبَرَّ وَالْإِحْسَانَ ، إِلَى خَوَاصِّ أَصْفِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ .
(45
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا أَيْ : مِنَ الْفَتَيَيْنِ ، وَهُوَ : الَّذِي رَأَى أَنَّهُ يَعْصِرُ خَمْرًا ، وَهُوَ الَّذِي أَوْصَاهُ
يُوسُفُ أَنْ يَذْكُرَهُ عِنْدَ رَبِّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَيْ : وَتَذَكَّرَ
يُوسُفَ وَمَا جَرَى لَهُ فِي تَعْبِيرِهِ لِرُؤْيَاهُمَا وَمَا وَصَّاهُ بِهِ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ كَفِيلٌ بِتَعْبِيرِ هَذِهِ الرُّؤْيَا بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ السِّنِينَ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=45أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ إِلَى
يُوسُفَ لِأَسْأَلَهُ عَنْهَا .
(46 ) فَأَرْسَلُوهُ ، فَجَاءَ إِلَيْهِ ، وَلَمْ يُعَنِّفْهُ
يُوسُفُ عَلَى نِسْيَانِهِ ، بَلِ اسْتَمَعَ مَا يَسْأَلُهُ عَنْهُ ، وَأَجَابَهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=46يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَيْ : كَثِيرُ الصِّدْقِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=46أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ : فَإِنَّهُمْ مُتَشَوِّقُونَ لِتَعْبِيرِهَا ، وَقَدْ أَهَمَّتْهُمْ .
(47 ) فَعَبَرَ
يُوسُفُ السَّبْعَ الْبَقَرَاتِ السِّمَانَ وَالسَّبْعَ السُّنْبُلَاتِ الْخُضْرَ بِأَنَّهُنَّ سَبْعُ سِنِينَ مُخْصِبَاتٌ ، وَالسَّبْعُ الْبَقَرَاتُ الْعِجَافُ ، وَالسَّبْعُ السُّنْبُلَاتُ الْيَابِسَاتُ بِأَنَّهُنَّ سِنِينَ مُجْدِبَاتٌ ، وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْخِصْبَ وَالْجَدْبَ لَمَّا كَانَ الْحَرْثُ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ إِذَا حَصَلَ الْخِصْبُ قَوِيَتِ الزُّرُوعُ وَالْحُرُوثُ وَحَسُنَ مَنْظَرُهَا وَكَثُرَتْ غِلَالُهَا ، وَالْجَدْبُ بِالْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَتِ الْبَقَرُ هِيَ الَّتِي تُحْرَثُ عَلَيْهَا الْأَرْضُ ، وَتُسْقَى عَلَيْهَا الْحُرُوثُ فِي الْغَالِبِ ، وَالسُّنْبُلَاتُ هِيَ أَعْظَمُ الْأَقْوَاتِ وَأَفْضَلُهَا ؛ عَبَرَهَا بِذَلِكَ لِوُجُودِ الْمُنَاسَبَةِ ، فَجَمَعَ لَهُمْ فِي تَأْوِيلِهَا بَيْنَ التَّعْبِيرِ وَالْإِشَارَةِ لِمَا يَفْعَلُونَهُ ، وَيَسْتَعِدُّونَ بِهِ مِنَ التَّدْبِيرِ فِي سِنِيِّ الْخِصْبِ ، إِلَى سَنِيِّ الْجَدْبِ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا أَيْ : مُتَتَابِعَاتٍ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47فَمَا حَصَدْتُمْ مِنْ تِلْكَ الزُّرُوعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47فَذَرُوهُ أَيِ :
[ ص: 793 ] اتْرُكُوهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47فِي سُنْبُلِهِ : لِأَنَّهُ أَبْقَى لَهُ وَأَبْعَدُ مِنَ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=47إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ أَيْ : دَبِّرُوا أَيْضًا أَكْلَكُمْ فِي هَذِهِ السِّنِينَ الْخِصْبَةِ ، وَلْيَكُنْ قَلِيلًا لِيَكْثُرَ مَا تَدَّخِرُونَ وَيَعْظُمَ نَفْعُهُ وَوَقْعُهُ .
(48
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَيْ : بَعْدَ تِلْكَ السِّنِينَ السَّبْعِ الْمُخْصِبَاتِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48سَبْعٌ شِدَادٌ أَيْ : مُجْدِبَاتٌ جِدًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ أَيْ : يَأْكُلْنَ جَمِيعَ مَا ادَّخَرْتُمُوهُ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=48إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ أَيْ : تَمْنَعُونَهُ مِنَ التَّقْدِيمِ لَهُنَّ .
(49
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَيْ : بَعْدَ السَّبْعِ الشِّدَادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ أَيْ : فِيهِ تَكْثُرُ الْأَمْطَارُ وَالسُّيُولُ ، وَتَكْثُرُ الْغَلَّاتُ ، وَتَزِيدُ عَلَى أَقْوَاتِهِمْ حَتَّى إِنَّهُمْ يَعْصِرُونَ الْعِنَبَ وَنَحْوَهُ زِيَادَةً عَلَى أَكْلِهِمْ ، وَلَعَلَّ اسْتِدْلَالَهُ عَلَى وُجُودِ هَذَا الْعَامِ الْخِصْبِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَرَّحٍ بِهِ فِي رُؤْيَا الْمَلِكِ ؛ لِأَنَّهُ فُهِمَ مِنَ التَّقْدِيرِ بِالسَّبْعِ الشِّدَادِ أَنَّ الْعَامَ الَّذِي يَلِيهَا يَزُولُ بِهِ شِدَّتُهَا ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَزُولُ الْجَدْبُ الْمُسْتَمِرُّ سَبْعَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ إِلَّا بِعَامٍ مُخْصِبٍ جِدًّا ؛ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِلتَّقْدِيرِ فَائِدَةٌ .
فَلَمَّا رَجَعَ الرَّسُولُ إِلَى الْمَلِكِ وَالنَّاسِ ، وَأَخْبَرَهُمْ بِتَأْوِيلِ يُوسُفَ لِلرُّؤْيَا ؛ عَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ ، وَفَرِحُوا بِهَا أَشَدَّ الْفَرَحِ .