وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل إن ربك هو الخلاق العليم
(85 ) أي: ما خلقناهما عبثا باطلا كما يظن ذلك أعداء الله، بل ما خلقناهما إلا بالحق الذي منه أن يكونا بما فيهما دالتين على كمال خالقهما، واقتداره، وسعة رحمته، وحكمته وعلمه المحيط، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، وإن الساعة لآتية لا ريب فيها . لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس. فاصفح الصفح الجميل وهو الصفح الذي لا أذية فيه، بل يقابل [ ص: 869 ] إساءة المسيء بالإحسان، وذنبه بالغفران، لتنال من ربك جزيل الأجر والثواب، فإن كل ما هو آت فهو قريب.
وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا، وهو: أن المأمور به هو الصفح الجميل أي: الحسن الذي قد سلم من الحقد والأذية القولية والفعلية، دون الصفح الذي ليس بجميل، وهو الصفح في غير محله، فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة، كعقوبة المعتدين الظالمين الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة، وهذا هو المعنى.
(86 إن ربك هو الخلاق لكل مخلوق العليم بكل شيء، فلا يعجزه أحد من جميع ما أحاط به علمه، وجرى عليه خلقه، وذلك سائر الموجودات.