[ ص: 528 ] باب الإحرام قال ابن فارس : هو نية الدخول في التحريم ، كأنه يحرم على نفسه الطيب والنكاح وأشياء من اللباس كما يقال : أشتى إذا دخل في الشتاء ، وأربع إذا دخل في الربيع وشرعا ( نية النسك ) أي الدخول فيه ، لا نيته ليحج " أو " يعتمر لأنه صلى الله عليه وسلم { ( وسن لمريده ) أي الإحرام ( غسل ) ولو نفساء أو حائضا وهي نفساء أن تغتسل أسماء بنت عميس } رواه مسلم . أمر
{ أن تغتسل لإهلال الحج ، وهي حائض عائشة } متفق عليه وإن رجتا الطهر قبل فوات الميقات أخرتاه حتى تطهر ( أو تيمم لعدم ماء ) أو عجز عن استعماله لنحو مرض لعموم { وأمر فلم تجدوا ماء فتيمموا } ( ولا يضر حدثه بين غسل وإحرام ) كغسل الجمعة
كالجمعة ولأن الإحرام يمنع أخذ الشعور والأظفار فاستحب فعله قبله لئلا يحتاج إليه في إحرامه فلا يتمكن منه فيه . ( و ) سن له ( تنظف ) بأخذ شعره وظفره ، وقطع رائحة كريهة
( و ) بما تبقى عينه ، كمسك ، أو أثره كماء ورد ويجوز لقول سن له ( تطيب في بدنه ) { عائشة بالبيت وقالت : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم } متفق عليه . كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف
قال : لا خلاف بين جماعة أهل العلم بالسير والآثار أن قصة صاحب الجبة كانت عام ابن عبد البر حنين والجعرانة ، سنة ثمان وحديث في حجة الوداع سنة عشر أي فهو ناسخ عائشة
لزوما لأن الإحرام يمنع الطيب ولبس المطيب ، دون الاستدامة ومتى ( وكره ) لمريد الإحرام تطيب ( في ثوبه ) وله استدامة لبسه في إحرامه ، ما لم ينزعه ، فإن نزعه لم يلبسه حتى يغسل طيبه فدى لا إن سال بعرق أو شمس . تعمد محرم مس طيب على بدنه ، أو نحاه عن موضعه ثم رده إليه ، أو نقله إلى موضع آخر
( و ) لحديث { سن لمريده ( لبس إزار ورداء أبيضين نظيفين ) جديدين أو خلقين ( ونعلين ) } رواه وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين وقال أحمد : ثبت ذلك والنعلان التسومة ولا يجوز له لبس سرموذة ونحوها إن وجد النعلين ويكون لبسه ذلك ( بعد تجرد ذكر عن مخيط ) كقميص وسراويل وخف لأنه صلى الله عليه وسلم { ابن المنذر } رواه تجرد لإهلال الترمذي
( و ) سن [ ص: 529 ] نصا لأنه صلى الله عليه وسلم { ( إحرامه عقب صلاة فرض أو ركعتين نفلا ) } رواه أهل في دبر صلاة ( ولا يركعهما ) أي ركعتي النفل ( وقت نهي ) لتحريم النفل إذن ( ولا ) يركعهما ( من عدم الماء والتراب ) لحديث { النسائي } لا يقبل الله صلاة بغير طهور
قال في الفروع : ويتوجه أنه يستحب أن يستقبل القبلة عند إحرامه صح عن . ابن عمر
( و ) لحديث سن له ( أن يعين نسكا ) في ابتداء إحرامه من عمرة أو حج أو قران ( ويلفظ به ) أي بما عينه للأخبار ( وأن يشترط ) حين قالت له { ضباعة بنت الزبير } متفق عليه زاد إني أريد الحج وأجدني وجعة فقال : حجي واشترطي وقولي : اللهم محلي حيث حبستني في رواية إسنادها جيد { النسائي } ( فيقول : اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني ) ولم يذكر مثله في الصلاة لقصر مدتها وتيسرها عادة ( وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) فيستفيد : أنه متى حبس بمرض أو عدو ونحوه حل ولا شيء عليه نصا قال في المستوعب وغيره : إلا أن يكون معه هدي فيلزمه نحوه ولو قال : فلي أن أحل ، خير فإن لك على ربك ما استثنيت
( ولو لأنه لا عذر له فيه وعلم مما سبق : أنه لا يكفيه اشتراطه بقلبه ( وينعقد إحرام حال جماع ) لأنه لا يبطله ولا يخرج منه به إن وقع في أثنائه وإنما يفسده ويلزم المضي في فاسده شرط أن يحل متى شاء ، أو إن أفسده لم يقضه لم يصح ) شرطه لعموم قوله تعالى : { ( ويبطل ) إحرام بردة ( ويخرج ) محرم ( منه بردة ) فيه لئن أشركت ليحبطن عملك } و ويأتي حكم مجنون ومغمى عليه في الإحصار وتقدم حكم ميت ( لا ) يبطل ولا يخرج منه ( بجنون وإغماء وسكر كموت ) لعدم صحة القصد إذن ( ولا ينعقد إحرام مع وجود أحدها ) أي الجنون والإغماء والسكر نصا قال : لأنه آخر ما أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين { ( ويخير مريد ) إحرام ( بين ) ثلاثة أشياء ( تمتع وهو أفضلها ) } ولا ينقل أصحابه إلا إلى الأفضل ولا يتأسف إلا عليه أنه صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق هديا وثبت على إحرامه لسوقه الهدي وتأسف بقوله : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولا حللت معكم
وما أجيب به عنه من أنه لاعتقادهم عدم جواز العمرة في أشهر الحج مردود بأنهم لم يعتقدوه ثم لو كان كذلك لم يخص به من لم يسق الهدي لأنهم سواء في الاعتقاد ، ثم لو كان كذلك لم يتأسف هو لأنه [ ص: 530 ] يعتقد جواز العمرة في أشهر الحج وجعل العلة فيه سوق الهدي ولما في التمتع من اليسر والسهولة مع كمال أفعال النسكين ( فإفراد ) لأن فيه كمال أفعال النسكين ( فقران ) واختلف في حجته صلى الله عليه وسلم لكن قال : لا أشك أنه كان قارنا والمتعة أحب إلي . أحمد
( و ) : أن يحرم بعمرة في أشهر الحج ) نصا قال الأصحاب : ويفرغ منها . صفة ( التمتع
وفي المستوعب : ويتحلل ( و ) يحرم ( به ) أي الحج ( في عامه مطلقا ) أي من مكة أو قربها أو بعيد منها ( بعد فراغه منها ) أي العمرة فلو كان لم يكن متمتعا ولو أتم أفعالها في أشهره وإن أحرم بها قبل أشهر الحج صار قارنا أدخل الحج على العمرة
( و ) صفة ( الإفراد : أن يحرم ابتداء بحج ثم يحرم بعمرة بعد فراغه منه ) أي الحج مطلقا : أن يحرم بهما أي الحج والعمرة معا أو يحرم بها ) أي العمرة ( ثم يدخله ) أي الحج ( عليها ) أي العمرة ويصح لما في الصحيحين أن ( و ) صفة ( القران فعله وقال { ابن عمر هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم } ويكون فلا يصح بعد الشروع فيه لمن لا هدي معه ، كما لو أدخله عليها بعد سعيها وسواء كان في أشهر الحج أو لا ( ويصح ) إدخال حج على عمرة ( ممن معه هدي ولو بعد سعيها ) بل يلزمه كما يأتي لأنه مضطر إليه لقوله تعالى : { إدخال الحج عليها ( قبل شروعه في طوافها ) أي العمرة ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } قال في شرحه هنا : ويصير قارنا على المذهب ورده في أثناء الفصل بعد
( ومن لم يصح إحرامه بها ) أي العمرة ، لأنه لم يرد به أثر ، ولا يستفاد به فائدة بخلاف ما سبق فلا يصير قارنا ، وعمل قارن كمفرد نصا ويسقط ترتيبها ويصير الترتيب للحج فيتأخر حلاق إلى يوم النحر فوطؤه قبل طوافه بعد التحلل الأول لا يفسد عمرته أحرم به ) أي الحج ( ثم أدخلها ) أي العمرة ( عليه