فصل : الضرب الثاني : المضاربة من الضرب في الأرض أي : السفر فيها للتجارة ، أو من ضرب كل منهما بسهم في الربح ، وهذه تسمية أهل العراق  ، وأهل الحجاز  يسمونها قرضا من قرض الفأر الثوب أي : قطعه كأن رب المال اقتطع للعامل قطعة من ماله وسلمها له ، واقتطع له قطعة من ربحها ، أو من المقارضة بمعنى الموازنة ، يقال : تقارض الشاعران إذا توازنا . وحكى  ابن المنذر  الإجماع على جوازها    . وحكي عن  عمر   وعثمان   وعلي   وابن مسعود   وحكيم بن حزام  ولم يعرف لهم مخالف ، ولحاجة الناس إليها . ( وهي ) شرعا ( دفع مال ) أي : نقد مضروب غير مغشوش كثيرا لما تقدم في الشركة ( وما في معناه ) أي : معنى الدفع ، كوديعة وعارية وغصب إذا قال ربها لمن هي تحت يده : ضارب بها على كذا ( معين ) أي : المال . 
فلا يصح : ضارب بإحدى هذين الكيسين  ، تساوى ما فيهما أو اختلف ، علما ما فيهما أو جهلاه ; لأنها عقد تمنع صحته الجهالة فلم تجز على غير معين كالبيع ( معلوم قدره ) فلا تصح بصبرة دراهم أو دنانير ، إذ لا بد من الرجوع إلى رأس المال عند الفسخ ; ليعلم الربح ولا يمكن ذلك مع الجهل ( لمن يتجر فيه ) أي : المال وهو متعلق ب " دفع " ( بجزء ) متعلق ب يتجر ( معلوم من ربحه ) كنصفه أو عشره ( له ) أي : للمتجر فيه ( أو لقنه ) ; لأن المشروط لقنه له . فلو جعلاه بينهما وبين عبد أحدهما أثلاثا كان لصاحب العبد الثلثان وللآخر الثلث وإن كان العبد مشتركا بينهما نصفين ، فكما لو لم يذكراه أي : العبد ، والربح بينهما نصفين ( أو ) للمتجر فيه ( ولأجنبي مع عمل منه ) أي : الأجنبي . 
كما لو قال : خذه فاتجر به أنت وفلان وما ربح فلكما نصفه ، فيكونان  [ ص: 216 ] عاملين في المال . فإن لم يشترطا عملا من الأجنبي لم تصح المضاربة ; لأنه شرط فاسد يعود إلى الربح كشرط دراهم وإن قال : لك الثلثان على أن تعطي امرأتك نصفه فكذلك والمراد بالأجنبي هنا غير قنهما ، ولو والدا أو ولدا لأحدهما ( وتسمى ) المضاربة ( قرضا ) وتقدم ( و ) تسمى أيضا ( معاملة ) من العمل ( وهي أمانة ) بدفع المال ( ووكالة ) بالإذن في الصرف ( فإن ربح ) المال بالعمل ( فشركة ) لصيرورتهما شريكين في ربح المال   ( وإن فسدت ) المضاربة    ( فإجارة ) أي : كالإجارة الفاسدة ; لأن الربح كله لرب المال وللعامل أجرة مثله . 
				
						
						
