باب ( وهي ) أي النجاسة لغة : ضد الطهارة وشرعا ( عين ) كالميتة والدم ( أو صفة ) كأثر بول بمحل طاهر ( منع الشرع منها بلا ضرورة ، لا لأذى فيها طبعا ) احترازا عن نحو السميات من النبات ، فإنه ممنوع مما يضر منها في بدن أو عقل لأذاها و ( لا لحق الله تعالى ) احترازا عن صيد اجتناب النجاسة الحرم ، أو عن صيد البر للمحرم ( أو ) لحق ( غيره شرعا ) احترازا عن مال الغير بغير إذنه ، فيحرم تناوله لمنع الشرع منه لحق مالكه
زاد بعضهم : ولا لحرمتها ، احترازا عن ميتة الآدمي ولا لاستقذارها ، احترازا عن نحو مني ومخاط ( حيث لم يعف عنها ) متعلق باجتناب ( بدن مصل ) منصوب باجتناب ( وثوبه وبقعتهما ) معطوف على بدن ( وعدم حملها ) عطف على اجتناب النجاسة وهو مبتدأ ، خبره وما عطف عليه : قوله ( شرط للصلاة ) لقوله تعالى : { وثيابك فطهر والرجز فاهجر } وقوله صلى الله عليه وسلم { } وقوله وقد سئل عن دم الحيض يكون في الثوب { تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه } رواه اقرصيه وصلي فيه أبو داود من حديث رضي الله عنهما { أسماء بنت أبي بكر } ولا يجب ذلك في غير الصلاة ، فتعين أن يكون شرطا فيها ، وأمره صلى الله عليه وسلم بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابي ، إذ بال في طائفة المسجد
والأمر بالشيء نهي عن ضده . والنهي عنه في العبادات يقتضي الفساد ( فتصح ) الصلاة ( من حامل مستجمرا ) لأن أثر الاستجمار معفو عنه في محله ( أو ) من حامل ( حيوانا طاهرا ) كالهر ، لأن ما به من نجاسة في معدتها فهي كالنجاسة في جوف المصلي و { أمامة بنت زينب } ( و ) تصح ( ممن مس ثوبه ثوبا ) نجسا ( أو حائطا نجسا لم يستند إليه ) لأنه ليس محلا لثوبه ولا بدنه . صلى النبي صلى الله عليه وسلم حاملا
فإن استند إليه فسدت صلاته لأنه يصير كالبقعة له ( أو ) أي وتصح ممن ( قابلها ) أي النجاسة ( راكعا أو ساجدا ولم يلاقها ) لأنه ليس بموضع لصلاته ولا محمولا فيها . وكذا لو كانت بين [ ص: 162 ] رجليه ولم يصبها ، فإن لاقاها بطلت صلاته ( أو صلى على محل طاهر من ) حصير أو بساط ( متنجس طرفه ) فتصح ( ولو تحرك ) المتنجس ( بحركته من غير متعلق ينجر به ) وكذا لو كان تحت قدمه حبل طاهر مشدود في نجاسة . لأنه ليس بحامل للنجاسة ولا مصل عليها ، أشبه ما لو صلى على أرض طاهرة متصلة بأرض نجسة ،
فإن كان النجس متعلقا بالمصلي بحيث ينجر معه إذا مشى ، كما لو كان بيده أو وسطه حبل مشدود في نجاسة ، أو حيوان نجس أو سفينة صغيرة فيها نجاسة بحيث تنجر معه إذا مشى لم تصح صلاته ; لأنه متتبع للنجاسة . أشبه ما لو كان حاملها ، فإن كانت السفينة كبيرة ، أو الحيوان كبيرا ، لا يقدر على جره إذا استعصى عليه صحت ; لأنه ليس بمتبع لها .
قال في الفروع : فظاهر كلامهم : أن ما لا ينجر تصح لو انجر ، ولعل المراد خلافه وهو أولى . ولو كان بيده حبل طرفه على نجاسة يابسة . فمقتضى كلام : الصحة . الموفق
وفي الإقناع : لا تصح ( أو سقطت عليه ) نجاسة ( فزالت ) سريعا ( أو أزالها سريعا ) فتصح صلاته . لحديث أبي سعيد { جبريل أتاني فأخبرني أن فيها قذرا } رواه فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره ، فخلع الناس نعالهم . فلما قضى صلاته ، قال : ما حملكم على إلقاء نعالكم ؟ قالوا : رأيناك ألقيت نعلك فألقينا نعالنا ، قال : إن أبو داود ، ولأن من النجاسة ما يعفى عن يسيرها
فعفي عن يسير زمنها . ككشف العورة و ( لا ) تصح صلاته ( إن عجز عن إزالتها ) أي النجاسة ( عنه ) سريعا ، لإفضائه إلى استصحاب النجاسة في الصلاة زمنا طويلا . أو لعمل كثير . إن أخذ يطهرها ( أو نسيها ) أي النجاسة ( أو جهل عينها ) بأن أصابه شيء لا يعلمه طاهرا أو نجسا ، ثم علم نجاسته ( أو ) جهل ( حكمها ) بأن لم يعلم أن إزالتها شرط للصلاة ( أو ) جهل ( أنها كانت في الصلاة ثم علم ) تصح صلاته في هذه الصور ونحوها ، لأن اجتناب النجاسة شرط للصلاة ، فلم يسقط بالنسيان ولا بالجهل ، كطهارة الحدث وعنه : تصح صلاته إذا نسي ، أو جهل النجاسة .
قال في الإنصاف : وهي الصحيحة عند أكثر المتأخرين ( أو حمل قارورة ) باطنها نجس وصلى ، لم تصح صلاته ( أو ) حمل ( آجرة ) واحدة الآجر ، وهو الطوب المشوي ( باطنها نجس أو ) حمل ( بيضة فيها فرخ ميت ، أو ) حمل بيضة ( مذرة ، أو ) [ ص: 163 ] ( عنقودا ) من عنب ( حباته مستحيلة خمرا ) لم تصح صلاته لحمله نجاسة في غير معدتها أشبه ما لو حملها في كمه .
( وإن طين ) أرضا ( نجسة ) وصلى عليها ( أو بسط عليها ) أي على أرض نجسة طاهرا صفيقا أو رطبة ولم تنفذ إلى ظاهره ( أو ) بسط ( على حيوان نجس ) طاهرا صفيقا ( أو ) بسط على ( حرير طاهرا صفيقا ) لا خفيفا أو مهلهلا ( أو غسل وجه آجر وصلى عليه ، أو صلى على بساط باطنه فقط نجس ) وظاهره الذي صلى عليه طاهر ( أو ) صلى على ( علو سفله غصب ، أو ) صلى على ( سرير تحته نجس كرهت ) صلاته ، لاعتماده على ما لا تصح عليه ( وصحت ) لأنه ليس حاملا للنجاسة ولا مباشرا لما لا تصح عليه .
( وإن خيط جرح أو جبر عظم ) من آدمي ( ب ) خيط ( نجس أو عظم نجس فصح ) الجرح أو العظم ( لم تجب إزالته ) أي النجس منهما ( مع ) خوف ( ضرر ) على نفس أو عضو أو حصول مرض ; لأن حراسة النفس وأطرافها واجب وأهم من رعاية شرط الصلاة ولهذا لا يلزمه شراء ماء ولا سترة بزيادة كثيرة على ثمن المثل ، وإذا جاز ترك شرط مجمع عليه لحفظ ماله ، فترك شرط مختلف فيه لحفظ بدنه أولى ،
فإن لم يخف ضررا لزمه ( و ) حيث لم تجب إزالته ( لا يتيمم له ) أي الخيط أو العظم النجس ( إن غطاه اللحم ) لإمكان الطهارة بالماء في جميع محلها ، فإن لم يغطه اللحم تيمم له لعدم إمكان غسله ( ومتى وجبت ) إزالته ( فمات ) قبل إزالته ( أزيل ) وجوبا لقيام من يليه مقامه ( إلا مع المثلة ) بإزالته فتسقط للضرر بها ، كالحي ( ولا يلزم شارب خمر قيء ) للخمر ، لأنه وصل إلى محل يستوي فيه الطاهر والنجس .
وكذا سائر النجاسات تحصل بالجوف ( وإن أعيدت سن ) آدمي قلعت ( أو ) أعيدت ( أذن ) منه قطعت ( أو ) أعيد ( نحوهما ) من أعضائه فأعادها بحرارتها ( فثبتت ) أو لم تثبت ( ف ) هي ( طاهرة ) لأنها جزء من جملة ، فحكمهما حكمه . وتقدم : ما أبين من حي كميتته .