باب شرط للصلاة لقوله تعالى : { استقبال القبلة وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } قال : شطره قبله . ولقوله صلى الله عليه وسلم { علي } ولحديث إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة في أهل ابن عمر قباء لما حولت القبلة متفق عليه . وأصل القبلة لغة : الحالة التي يقابل الشيء غيره عليها ، كالجلسة ثم صارت كالعلم للجهة التي يستقبلها المصلي لإقبال الناس عليها ،
{ بيت المقدس بالمدينة نحو سبعة عشر شهرا } اختلف في صلاته قبل الهجرة ، وقد ذكرت بعضه في شرح الإقناع ( مع القدرة ) عليه ، فإن عجز عنه كالمربوط والمصلوب إلى غير القبلة والعاجز عن الالتفات للقبلة ، لمرض أو منع مشرك ونحوه عند التحام حرب ، أو هرب من عدو ، أو سيل أو سبع ونحوه سقط الاستقبال وصلى على حاله لحديث { وصلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى } ( إلا في نفل مسافر إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
ولو ) كان [ ص: 168 ] ( ماشيا ) فيصلي لجهة سيره على ما يأتي تفصيله للخبر في الراكب ويأتي . وألحق به الماشي ، لمساواته له في خسوف الانقطاع عن القافلة في السفر ( سفرا مباحا ) أي غير مكروه ولا محرم . لأن نفله كذلك رخصة ، وهي لا تناط بالمعاصي ( ولو ) كان السفر ( قصيرا ) نص عليه ، فيما دون فرسخ لقوله تعالى : { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله } قال " نزلت في التطوع خاصة " ولحديث ابن عمر مرفوعا { ابن عمر يفعله ابن عمر } متفق عليه ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه وكان
" إلا الفرائض " ولأن ذلك تخفيف في التطوع ، لئلا يؤدي إلى تقليله أو قطعه فاستويا فيه . و ( لا ) يسقط الاستقبال في نفل راكب ( تعاسيف ) وهو ركوب الفلاة وقطعها على غير صوب ، كما لا يقصر ولا يفطر برمضان ( لكن إن لم يعذر من عدلت به دابته ) إلى غير جهة القبلة ، بأن علم بعدولها وقدر على ردها ولم يفعل بطلت . وللبخاري
( أو عدل هو إلى غيرها ) أي لقبلة ( عن جهة سيره مع علمه ) بعدوله بطلت ، لأنه ترك قبلته عمدا ، وسواء طال عدوله أو لا ( أو عذر ) من عدلت به دابته ، لعجزه عنها لجماحها أو نحوه ، أو عذر من عدل إلى غيرها لغفلة أو نوم أو جهل أو ظن أنها جهة سيره ( وطال ) عدول دابته أو عدوله عرفا ( بطلت ) صلاته ; لأنه بمنزلة العمل الكثير من غير جنس الصلاة ، فيبطلها عمده وسهوه .
فإن كان عذر ولم يطل لم تبطل ; لأنه بمنزلة العمل اليسير ، وإن كان عذره لسهو سجد له ويعايا بها ، فيقال : شخص سجد بفعل غيره ، وليس إماما له ، وإن كان العدول إلى القبلة لم تبطل أيضا ; لأن التوجه إليها هو الأصل ،
وإذا داس نجاسة عمدا بطلت صلاته ، لا إن داسها مركوبه ( وإن وقف ) المسافر المتنفل لجهة سيره ( لتعب دابته ، أو ) وقف ( منتظرا رفقة ، أو ) وقف لكونه ( لم يسر لسيرهم ) أي الرفقة ( أو نوى النزول ببلد دخله ، أو نزل في أثنائها ) أي الصلاة ( استقبل ) القبلة ( ويتمها ) أي الصلاة كالخائف يأمن في أثناء الصلاة ( ويصح ) أي ينعقد ( نذر الصلاة عليها ) أي الراحلة ، بأن نذر أن يصلي ركعتين مثلا على راحلته فينعقد نذره ( وإن ركب ماش ) متنفل ( في نفل أتمه ) راكبا ; لأنه انتقل من حالة مختلف في التنفل فيها إلى حالة متفق عليه فيها ، مع كون [ ص: 169 ] كل منها حالة سير ( وتبطل ) الصلاة ( بركوب غيره ) أي الماشي ،
فلو تنفل النازل بالموضع الذي نزل فيه ، وركب في أثناء نفله . بطل ، سواء كان يصلي قائما أو قاعدا ; لأن حالته حالة إقامة ، فركوبه فيها بمنزلة العمل الكثير ( و ) يجب ( على ) مسافر ( ماش ) يتنفل ( إحرام إلى القبلة وركوع وسجود إليها ) بالأرض ، لتيسر ذلك عليه ، ويفعل ما سواه إلى جهة سيره .
وصحح : يومئ بركوع وسجود إلى جهة سيره كراكب ( ويستقبل ) القبلة متنفل ( راكب ) في كل صلاته ( ويركع ويسجد ) وجوبا ( إن أمكن ) ذلك ( بلا مشقة ) كراكب المحفة الواسعة والسفينة والراحلة الواقفة ; لأنه كالمقيم في عدم المشقة . فإن أمكنه أن يدور في السفينة والمحفة إلى القبلة في الفرض لزمه نصا ، غير ملاح لحاجته . المجد
وإن أمكنه الافتتاح إلى القبلة دون الركوع والسجود ، أتى بما قدر عليه وأومأ بهما لحديث { أنس } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر ، فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة ، فكبر ، ثم صلى حيث وجهه ركابه أحمد وأبو داود ( وإلا ) بأن لم يمكنه ذلك ، كراكب بعير مقطور تعذر عليه الاستدارة بنفسه ، أو راكب حرون تصعب عليه إدارته ، ولا يمكنه ركوع ولا سجود ( ف ) يحرم ( إلى جهة سيره ويومئ ) بركوع وسجود .
( ويلزم قادرا ) على الإيماء ( جعل سجوده أخفض ) من ركوعه . لحديث قال : { جابر } رواه بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق ، والسجود أخفض من الركوع أبو داود ( و ) تلزمه ( الطمأنينة ) لأنها ركن قدر على الإتيان به فلزمه ، كما لو كان بالأرض . وتجوز صلاة النافلة من وتر وغيره للمسافر على البعير والفرس والبغل والحمار ونحوها .
قال { ابن عمر خيبر } رواه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار ، وهو متوجه إلى أبو داود ، لكن والنسائي ولا كراهة هنا لمسيس الحاجة إليه كما صححه يشترط طهارة ما تحت الراكب من نحو برذعة ، وإن كان الحيوان نجس العين ، ولأنه قد صح { المجد أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على حماره : النفل } وراكب القمارية يدور فيها إلى القبلة في الفرض ، كراكب السفينة .