( وإن ك أجزتها ( أو ) بلفظ ( إمضاء ) كأمضيتها ( أو ) بلفظ ( تنفيذ ) كنفذتها ( لزمت ) الوصية لأن الحق لهم فلزمت بإجازتها كما تبطل بردهم ( وهي ) أي الإجازة ( تنفيذ ) لما وصى به الموروث لا ابتداء عطية لقوله تعالى : { أجازها ) أي الوصية بزائد على الثلث أو لوارث بشيء ( ورثه بلفظ إجازة ) من بعد وصية يوصي بها أو دين } ف ( لا يثبت لها ) أي الإجازة ( أحكام هبة فلا يرجع أب ) وارث من موص ( أجاز ) وصية لابنه . لأن الأب إنما يملك الرجوع فيما وهبه لولده . والإجازة تنفيذ لما وهبه غيره لابنه ( ولا يحنث بها ) أي الإجازة ( من حلف لا يهب ) لأنها ليست بهبة ( وولاء عتق ) من مورث ( مجاز ) أي يفتقر إلى الإجازة تنجيزا ، كأن أعتق عبدا لا يملك غيره ثم مات ، أو موصى به كوصيته بعتق عبد لا يملك غيره . فعتقه في الصورتين يتوقف على إجازة الورثة في ثلثيه . فإذا أجازوه نفذ . وولاؤه ( لموص تختص به عصبته ) لأنه المعتق . والإجازة لتنفيذ فعله ( وتلزم ) الإجازة ( بغير قبول ) مجاز له ( و ) بغير ( قبض ولو ) كانت الإجازة ( من سفيه ومفلس ) لأنها تنفيذ لا تبرع بالمال .
( و ) تلزم الإجازة ( مع كونه ) أي المجاز ( وقفا على مجيزه ) ولو قلنا : لا يصح الوقف على نفس الواقف . لأن الوقف ليس منسوبا للمجيز . إنما هو منفذ له .
( و ) تلزم الإجازة ( مع جهالة المجاز ) لأنها عطية غيره ( ويزاحم ) بالبناء للمفعول ( ب ) قدر ( مجاوز لثلثه الذي لم يجاوزه ) كأن أوصى لزيد بالثلث ولعمرو بالنصف وأجاز الورثة لعمرو خاصة فيزاحمه زيد بنصف كامل فيقسم الثلث بينهما على خمسة لزيد خمساه ولعمرو ثلاثة أخماسه ( لقصده ) أي الموصي ( تفضيله كجعله الزائد لثالث ) بأن أوصى لزيد بالثلث ولبكر بالسدس فيقسم الثلث بينهم على خمسة ، ثم يكمل [ ص: 458 ] لصاحب النصف في الأولى نصفه . ومن قال : الإجازة عطية عكس الأحكام المتقدمة . وقال في المثال المذكور : إنما يزاحمه بثلث خاصة لأن الثلث بينهما نصفين ثم يكمل إذ الزيادة عطية محضة من الورثة لم تتلق من الميت فلا يزاحم بها الوصايا . فيقسم الثلث بينهما نصفين ، ثم يكمل لصاحب النصف نصفه بالإجازة ( لكن لو أجاز مريض ) مرض الموت المخوف . قلت : وكذا من ألحق به وصية تتوقف على إجازة ( ف ) إجازته ( من ثلثه ) لتركه حقا ماليا كان يمكنه أن لا يتركه ، خلافا وتبعه في الإقناع ( كمحاباة صحيح في بيع خيار له ) بأن باع ما يساوي مائة وعشرين بمائة بشرط الخيار له إلى شهر مثلا ( ثم مرض ) البائع ( زمنه ) أي في الشهر المشروط فيه الخيار له ولم يختر فسخ البيع حتى لزم . فإن العشرين تعتبر من ثلثه لتمكنه من استدراكها بالفسخ فتعود لورثته . فلما لم يفسخ كان كأنه اختار وصول ذلك للمشتري . أشبه عطيته في مرضه ( و ) ك ( إذن ) مريض ( في قبض هبة ) وهبها وهو صحيح ، لأنها قبل القبض كان يمكنه الرجوع فيها و ( لا ) تعتبر محاباة في ( خدمته ) من الثلث بأن أجر نفسه للخدمة بدون أجر مثله ثم مرض فأمضاها بل محاباته في ذلك من رأس ماله . لأن تركه الفسخ إذن ليس بترك مال ( والاعتبار بكون من وصى ) له بوصية ( أو وهب له ) هبة من مريض ( وارثا أو لا عند الموت ) أي موت موص وواهب . فمن وصى لأحد إخوته أو وهبه في مرضه ، فحدث له ولد صحتا إن خرجتا من الثلث ، لأنه عند الموت ليس بوارث . وإن وصى أو وهب مريض أخاه وله ابن فمات قبله وقفنا على إجازة باقي الورثة . لأبي الخطاب
( و ) الاعتبار ( بإجازة ) وصية أوعطية ( أو رد ) لأحدهما ( بعده ) أي الموت ، وما قبل ذلك من رد أو إجازة لا عبرة به لأن الموت هو وقت لزوم الوصية ، والعطية في معناها ( ومن أجاز ) من ورثة عطية أو وصية وكانت جزءا ( مشاعا ) كنصف أو ثلثين ( ثم قال : إنما أجزت ) ذلك ( لأني ظننته ) أي المال المخلف ( قليلا ) ثم تبين أنه كثير ( قبل ) قوله ذلك ( بيمينه ) لأنه أعلم بحاله . والظاهر معه ( وله الرجوع بما زاد على ظنه ) لإجازته ما في ظنه . فإذا كان المال ألفا وظنه ثلاثمائة والوصية بالنصف . فقد أجاز السدس وهو خمسون فهي جائزة عليه مع ثلث الألف فلموصى له ثلاثمائة وثلاثة وثمانون وثلث والباقي للوارث ( إلا أن يكون [ ص: 459 ] المال ) المخلف ( ظاهرا لا يخفى ) على المجيز ( أو تقوم ) به ( بينة ) على المجيز ( بعلمه بقدره ) فلا يقبل قوله ولا رجوع له ( وإن كان ) المجاز من عطية أو وصية ( عينا ) كعبد معين ( أو ) كان ( مبلغا معلوما ) كمائة درهم أو عشرة دنانير ( أو قال ) مجيزه ( ظننت الباقي ) بعده ( كثيرا لم يقبل ) قوله . فلا رجوع له كما لو وهبه لأنه مفرط . وقال الشيخ تقي الدين : وإن قال : ظننت قيمته ألفا فبان أكثر قبل وليس نقضا للحكم بصحة الإجازة ببينة أو إقرار ، وقال : وإن أجاز وقال : أردت أصل الوصية قبل والله أعلم .