[ ص: 3947 ] (98)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سورة البينة مدنية
وآياتها ثمان
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=31048_34202_34274_19696_27212_28276_30513_32424_32425_28678_28674_29434_29756_29069nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله يتلو صحفا مطهرة (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فيها كتب قيمة (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه (8)
هذه السورة معدودة في المصحف وفي أكثر الروايات أنها مدنية. وقد وردت بعض الروايات بمكيتها. ومع رجحان مدنيتها من ناحية الرواية، ومن ناحية أسلوب التعبير التقريري، فإن كونها مكية لا يمكن استبعاده. وذكر الزكاة فيها وذكر أهل الكتاب لا يعتبر قرينة مانعة. فقد ورد ذكر أهل الكتاب في بعض السور المقطوع بمكيتها. وكان في
مكة بعض أهل الكتاب الذين آمنوا، وبعضهم لم يؤمنوا. كما أن نصارى
نجران وفدوا على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في
مكة وآمنوا كما هو معروف. وورد ذكر الزكاة كذلك في سور مكية.
والسورة تعرض عدة حقائق تاريخية وإيمانية في أسلوب تقريري هو الذي يرجح أنها مدنية إلى جانب الروايات القائلة بهذا.
والحقيقة الأولى هي أن بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت ضرورية لتحويل الذين كفروا من أهل
[ ص: 3948 ] الكتاب ومن المشركين عما كانوا قد انتهوا إليه من الضلال والاختلاف، وما كانوا ليتحولوا عنه بغير هذه البعثة:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله يتلو صحفا مطهرة، nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فيها كتب قيمة ..
والحقيقة الثانية: أن أهل الكتاب لم يختلفوا في دينهم عن جهالة ولا عن غموض فيه، إنما اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم وجاءتهم البينة:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة .
والحقيقة الثالثة: أن الدين في أصله واحد، وقواعده بسيطة واضحة، لا تدعو إلى التفرق والاختلاف في ذاتها وطبيعتها البسيطة اليسيرة:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وذلك دين القيمة .
والحقيقة الرابعة: أن الذين كفروا بعد ما جاءتهم البينة هم شر البرية، وأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية. ومن ثم يختلف جزاء هؤلاء عن هؤلاء اختلافا بينا:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها. أولئك هم شر البرية. nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، رضي الله عنهم ورضوا عنه، ذلك لمن خشي ربه ..
وهذه الحقائق الأربع ذات قيمة في إدراك دور العقيدة الإسلامية ودور الرسالة الأخيرة. وفي التصور الإيماني كذلك. نفصلها فيما يلي:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله يتلو صحفا مطهرة، nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فيها كتب قيمة .
لقد كانت الأرض في حاجة ماسة إلى رسالة جديدة. كان الفساد قد عم أرجاءها كلها بحيث لا يرتجى لها صلاح إلا برسالة جديدة، ومنهج جديد، وحركة جديدة. وكان الكفر قد تطرق إلى عقائد أهلها جميعا سواء أهل الكتاب الذين عرفوا الديانات السماوية من قبل ثم حرفوها، أو مشركون في
الجزيرة العربية وفي خارجها سواء.
وما كانوا لينفكوا ويتحولوا عن هذا الكفر الذي صاروا إليه إلا بهذه الرسالة الجديدة، وإلا على يد رسول يكون هو ذاته بينة واضحة فارقة فاصلة:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله يتلو صحفا مطهرة .. مطهرة من الشرك والكفر
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فيها كتب قيمة .. والكتاب يطلق على الموضوع، كما يقال كتاب الطهارة وكتاب الصلاة، وكتاب القدر، وكتاب القيامة، وهذه الصحف المطهرة - وهي هذا القرآن - فيها كتب قيمة أي موضوعات وحقائق قيمة..
ومن ثم جاءت هذه الرسالة في إبانها، وجاء هذا الرسول في وقته، وجاءت هذه الصحف وما فيها من كتب وحقائق وموضوعات لتحدث في الأرض كلها حدثا لا تصلح الأرض إلا به. فأما كيف كانت الأرض في حاجة إلى هذه الرسالة وإلى هذا الرسول فنكتفي في بيانه باقتطاف لمحات كاشفة من الكتاب القيم الذي كتبه الرجل المسلم "السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي" بعنوان: "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين".. وهو أوضح وأخصر ما قرأناه في موضوعه:
جاء في الفصل الأول من الباب الأول:
[ ص: 3949 ] " كان القرن السادس والسابع لميلاد
المسيح من أحط أدوار التاريخ بلا خلاف. فكانت الإنسانية متدلية منحدرة منذ قرون. وما على وجه الأرض قوة تمسك بيدها وتمنعها من التردي وقد زادتها الأيام سرعة في هبوطها وشدة في إسفافها. وكان الإنسان في هذا القرن قد نسي خالقه، فنسي نفسه ومصيره، وفقد رشده، وقوة التمييز بين الخير والشر، والحسن والقبيح. وقد خفتت دعوة الأنبياء من زمن، والمصابيح التي أوقدوها قد انطفأت من العواصف التي هبت بعدهم، أو بقيت ونورها ضعيف ضئيل لا ينير إلا بعض القلوب، فضلا عن البيوت، فضلا عن البلاد. وقد انسحب رجال الدين من ميدان الحياة، ولاذوا بالأديرة والكنائس والخلوات فرارا بدينهم من الفتن، وضنا بأنفسهم، أو رغبة إلى الدعة والسكون، وفرارا من تكاليف الحياة وجدها، أو فشلا في كفاح الدين والسياسة، والروح والمادة ومن بقي منهم في تيار الحياة اصطلح مع الملوك وأهل الدنيا وعاونهم على إثمهم وعدوانهم، وأكل أموال الناس بالباطل"...
"أصبحت الديانات العظيمة فريسة العابثين والمتلاعبين ولعبة المجرمين والمنافقين، حتى فقدت روحها وشكلها، فلو بعث أصحابها الأولون لم يعرفوها; وأصبحت مهود الحضارة والثقافة والحكم والسياسة مسرح الفوضى والانحلال والاختلال وسوء النظام وعسف الحكام، وشغلت بنفسها لا تحمل للعالم رسالة، ولا للأمم دعوة، وأفلست في معنوياتها، ونضب معين حياتها، لا تملك مشرعا صافيا من الدين السماوي، ولا نظاما ثابتا من الحكم البشري"..
هذه اللمحة السريعة تصور في إجمال حالة البشرية والديانات قبيل البعثة المحمدية. وقد أشار القرآن إلى مظاهر الكفر الذي شمل أهل الكتاب والمشركين في مواضع شتى..
من ذلك قوله عن اليهود والنصارى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود عزير ابن الله. وقالت النصارى المسيح ابن الله ..
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وقالت اليهود ليست النصارى على شيء، وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ..
وقوله عن اليهود:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وقالت اليهود: يد الله مغلولة. غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا. بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء .
وقوله عن النصارى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لقد كفر الذين قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم ..
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لقد كفر الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة .
وقوله عن المشركين:
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل يا أيها الكافرون، nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون، nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3ولا أنتم عابدون ما أعبد. nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=4ولا أنا عابد ما عبدتم nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=5ولا أنتم عابدون ما أعبد. nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6لكم دينكم ولي دين .. وغيرها كثير..
وكان وراء هذا الكفر ما وراءه من الشر والانحطاط والشقاق والخراب الذي عم أرجاء الأرض ... "وبالجملة لم تكن على ظهر الأرض أمة صالحة المزاج، ولا مجتمع قائم على أساس الأخلاق والفضيلة، ولا حكومة مؤسسة على أساس العدل والرحمة، ولا قيادة مبنية على العلم والحكمة، ولا دين صحيح مأثور عن الأنبياء".
ومن ثم اقتضت رحمة الله بالبشرية إرسال رسول من عنده يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة. وما كان
[ ص: 3950 ] الذين كفروا من المشركين ومن الذين أوتوا الكتاب ليتحولوا عن ذلك الشر والفساد إلا ببعثة هذا الرسول المنقذ الهادي المبين ...
ولما قرر هذه الحقيقة في مطلع السورة عاد يقرر أن أهل الكتاب خاصة لم يتفرقوا ويختلفوا في دينهم عن جهل أو عن غموض في الدين أو تعقيد. إنما هم تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم العلم ومن بعد ما جاءتهم البينة من دينهم على أيدي رسلهم:
[ ص: 3947 ] (98)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ الْبَيِّنَةِ مَدَنِيَّةٌ
وَآيَاتُهَا ثَمَانٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=31048_34202_34274_19696_27212_28276_30513_32424_32425_28678_28674_29434_29756_29069nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)
هَذِهِ السُّورَةُ مَعْدُودَةٌ فِي الْمُصْحَفِ وَفِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ. وَقَدْ وَرَدَتْ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ بِمَكِّيَّتِهَا. وَمَعَ رُجْحَانِ مَدَنِيَّتِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الرِّوَايَةِ، وَمِنْ نَاحِيَةِ أُسْلُوبِ التَّعْبِيرِ التَّقْرِيرِيِّ، فَإِنَّ كَوْنَهَا مَكِّيَّةً لَا يُمْكِنُ اسْتِبْعَادُهُ. وَذِكْرُ الزَّكَاةِ فِيهَا وَذِكْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يُعْتَبَرُ قَرِينَةً مَانِعَةً. فَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي بَعْضِ السُّورِ الْمَقْطُوعِ بِمَكِّيَّتِهَا. وَكَانَ فِي
مَكَّةَ بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا. كَمَا أَنَّ نَصَارَى
نَجْرَانَ وَفَدُوا عَلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي
مَكَّةَ وَآمَنُوا كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ. وَوَرَدَ ذِكْرُ الزَّكَاةِ كَذَلِكَ فِي سُوَرٍ مَكِّيَّةٍ.
وَالسُّورَةُ تَعْرِضُ عِدَّةَ حَقَائِقَ تَارِيخِيَّةٍ وَإِيمَانِيَّةٍ فِي أُسْلُوبٍ تَقْرِيرِيٍّ هُوَ الَّذِي يُرَجِّحُ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ إِلَى جَانِبِ الرِّوَايَاتِ الْقَائِلَةِ بِهَذَا.
وَالْحَقِيقَةُ الْأُولَى هِيَ أَنَّ بَعْثَةَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ ضَرُورِيَّةً لِتَحْوِيلِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
[ ص: 3948 ] الْكِتَابِ وَمِنَ الْمُشْرِكِينَ عَمَّا كَانُوا قَدِ انْتَهَوُا إِلَيْهِ مِنَ الضَّلَالِ وَالِاخْتِلَافِ، وَمَا كَانُوا لِيَتَحَوَّلُوا عَنْهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْبَعْثَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً، nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ..
وَالْحَقِيقَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي دِينِهِمْ عَنْ جَهَالَةٍ وَلَا عَنْ غُمُوضٍ فِيهِ، إِنَّمَا اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ وَجَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ .
وَالْحَقِيقَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الدِّينَ فِي أَصْلِهِ وَاحِدٌ، وَقَوَاعِدُهُ بَسِيطَةٌ وَاضِحَةٌ، لَا تَدْعُو إِلَى التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ فِي ذَاتِهَا وَطَبِيعَتِهَا الْبَسِيطَةِ الْيَسِيرَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ .
وَالْحَقِيقَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ، وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ. وَمِنْ ثَمَّ يَخْتَلِفُ جَزَاءُ هَؤُلَاءِ عَنْ هَؤُلَاءِ اخْتِلَافًا بَيِّنًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=6إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا. أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ. nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ..
وَهَذِهِ الْحَقَائِقُ الْأَرْبَعُ ذَاتُ قِيمَةٍ فِي إِدْرَاكِ دَوْرِ الْعَقِيدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَدَوْرِ الرِّسَالَةِ الْأَخِيرَةِ. وَفِي التَّصَوُّرِ الْإِيمَانِيِّ كَذَلِكَ. نُفَصِّلُهَا فِيمَا يَلِي:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً، nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ .
لَقَدْ كَانَتِ الْأَرْضُ فِي حَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى رِسَالَةٍ جَدِيدَةٍ. كَانَ الْفَسَادُ قَدْ عَمَّ أَرْجَاءَهَا كُلَّهَا بِحَيْثُ لَا يُرْتَجَى لَهَا صَلَاحٌ إِلَّا بِرِسَالَةٍ جَدِيدَةٍ، وَمَنْهَجٍ جَدِيدٍ، وَحَرَكَةٍ جَدِيدَةٍ. وَكَانَ الْكُفْرُ قَدْ تَطَرَّقَ إِلَى عَقَائِدِ أَهْلِهَا جَمِيعًا سَوَاءٌ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ عَرَفُوا الدِّيَانَاتِ السَّمَاوِيَّةَ مِنْ قَبْلُ ثُمَّ حَرَّفُوهَا، أَوْ مُشْرِكُونَ فِي
الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَفِي خَارِجِهَا سَوَاءً.
وَمَا كَانُوا لِيَنْفَكُّوا وَيَتَحَوَّلُوا عَنْ هَذَا الْكُفْرِ الَّذِي صَارُوا إِلَيْهِ إِلَّا بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ الْجَدِيدَةِ، وَإِلَّا عَلَى يَدِ رَسُولٍ يَكُونُ هُوَ ذَاتُهُ بَيِّنَةً وَاضِحَةً فَارِقَةً فَاصِلَةً:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً .. مُطَهَّرَةً مِنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=3فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ .. وَالْكِتَابُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَوْضُوعِ، كَمَا يُقَالُ كِتَابُ الطَّهَارَةِ وَكِتَابُ الصَّلَاةِ، وَكِتَابُ الْقَدَرِ، وَكِتَابُ الْقِيَامَةِ، وَهَذِهِ الصُّحُفُ الْمُطَهَّرَةُ - وَهِيَ هَذَا الْقُرْآنُ - فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ أَيْ مَوْضُوعَاتٌ وَحَقَائِقُ قَيِّمَةٌ..
وَمِنْ ثَمَّ جَاءَتْ هَذِهِ الرِّسَالَةُ فِي إِبَّانِهَا، وَجَاءَ هَذَا الرَّسُولُ فِي وَقْتِهِ، وَجَاءَتْ هَذِهِ الصُّحُفُ وَمَا فِيهَا مِنْ كُتُبٍ وَحَقَائِقَ وَمَوْضُوعَاتٍ لِتُحْدِثَ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا حَدَثًا لَا تَصْلُحُ الْأَرْضُ إِلَّا بِهِ. فَأَمَّا كَيْفَ كَانَتِ الْأَرْضُ فِي حَاجَةٍ إِلَى هَذِهِ الرِّسَالَةِ وَإِلَى هَذَا الرَّسُولِ فَنَكْتَفِي فِي بَيَانِهِ بِاقْتِطَافِ لَمَحَاتٍ كَاشِفَةٍ مِنَ الْكِتَابِ الْقَيِّمِ الَّذِي كَتَبَهُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ "السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْحُسْنِيُّ النَّدَوِيُّ" بِعُنْوَانِ: "مَاذَا خَسِرَ الْعَالَمُ بِانْحِطَاطِ الْمُسْلِمِينَ".. وَهُوَ أَوْضَحُ وَأَخْصَرُ مَا قَرَأْنَاهُ فِي مَوْضُوعِهِ:
جَاءَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ:
[ ص: 3949 ] " كَانَ الْقَرْنُ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ لِمِيلَادِ
الْمَسِيحِ مِنْ أَحَطِّ أَدْوَارِ التَّارِيخِ بِلَا خِلَافٍ. فَكَانَتِ الْإِنْسَانِيَّةُ مُتَدَلِّيَةً مُنْحَدِرَةً مُنْذُ قُرُونٍ. وَمَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قُوَّةٌ تُمْسِكُ بِيَدِهَا وَتَمْنَعُهَا مِنَ التَّرَدِّي وَقَدْ زَادَتْهَا الْأَيَّامُ سُرْعَةً فِي هُبُوطِهَا وَشِدَّةً فِي إِسْفَافِهَا. وَكَانَ الْإِنْسَانُ فِي هَذَا الْقَرْنِ قَدْ نَسِيَ خَالِقَهُ، فَنَسِيَ نَفْسَهُ وَمَصِيرَهُ، وَفَقَدَ رُشْدَهُ، وَقُوَّةَ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالْحُسْنِ وَالْقَبِيحِ. وَقَدْ خَفَتَتْ دَعْوَةُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ زَمَنٍ، وَالْمَصَابِيحُ الَّتِي أَوْقَدُوهَا قَدِ انْطَفَأَتْ مِنَ الْعَوَاصِفِ الَّتِي هَبَّتْ بَعْدَهُمْ، أَوْ بَقِيَتْ وَنُورُهَا ضَعِيفٌ ضَئِيلٌ لَا يُنِيرُ إِلَّا بَعْضَ الْقُلُوبِ، فَضْلًا عَنِ الْبُيُوتِ، فَضْلًا عَنِ الْبِلَادِ. وَقَدِ انْسَحَبَ رِجَالُ الدِّينِ مِنْ مَيْدَانِ الْحَيَاةِ، وَلَاذُوا بِالْأَدْيِرَةِ وَالْكَنَائِسِ وَالْخَلَوَاتِ فِرَارًا بِدِينِهِمْ مِنَ الْفِتَنِ، وَضَنًّا بِأَنْفُسِهِمْ، أَوْ رَغْبَةً إِلَى الدَّعَةِ وَالسُّكُونِ، وَفِرَارًا مِنْ تَكَالِيفِ الْحَيَاةِ وَجِدِّهَا، أَوْ فَشْلًا فِي كِفَاحِ الدِّينِ وَالسِّيَاسَةِ، وَالرُّوحِ وَالْمَادَّةِ وَمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فِي تَيَّارِ الْحَيَاةِ اصْطَلَحَ مَعَ الْمُلُوكِ وَأَهْلِ الدُّنْيَا وَعَاوَنَهُمْ عَلَى إِثْمِهِمْ وَعُدْوَانِهِمْ، وَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ"...
"أَصْبَحَتِ الدِّيَانَاتُ الْعَظِيمَةُ فَرِيسَةَ الْعَابِثِينَ وَالْمُتَلَاعِبِينَ وَلُعْبَةَ الْمُجْرِمِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، حَتَّى فَقَدَتْ رُوحَهَا وَشَكْلَهَا، فَلَوْ بُعِثَ أَصْحَابُهَا الْأَوَّلُونَ لَمْ يَعْرِفُوهَا; وَأَصْبَحَتْ مُهُودُ الْحَضَارَةِ وَالثَّقَافَةِ وَالْحُكْمِ وَالسِّيَاسَةِ مَسْرَحَ الْفَوْضَى وَالِانْحِلَالِ وَالِاخْتِلَالِ وَسُوءِ النِّظَامِ وَعَسْفِ الْحُكَّامِ، وَشُغِلَتْ بِنَفْسِهَا لَا تَحْمِلُ لِلْعَالَمِ رِسَالَةً، وَلَا لِلْأُمَمِ دَعْوَةً، وَأَفْلَسَتْ فِي مَعْنَوِيَّاتِهَا، وَنَضَبَ مَعِينُ حَيَاتِهَا، لَا تَمْلِكُ مُشَرِّعًا صَافِيًا مِنَ الدِّينِ السَّمَاوِيِّ، وَلَا نِظَامًا ثَابِتًا مِنَ الْحُكْمِ الْبَشَرِيِّ"..
هَذِهِ اللَّمْحَةُ السَّرِيعَةُ تُصَوِّرُ فِي إِجْمَالٍ حَالَةَ الْبَشَرِيَّةِ وَالدِّيَانَاتِ قُبَيْلَ الْبِعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ. وَقَدْ أَشَارَ الْقُرْآنُ إِلَى مَظَاهِرِ الْكُفْرِ الَّذِي شَمِلَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى..
مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ. وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ، وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ..
وَقَوْلُهُ عَنِ الْيَهُودِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64وَقَالَتِ الْيَهُودُ: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ. غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا. بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ .
وَقَوْلُهُ عَنِ النَّصَارَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ .
وَقَوْلُهُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=4وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=5وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ .. وَغَيْرُهَا كَثِيرٌ..
وَكَانَ وَرَاءَ هَذَا الْكُفْرِ مَا وَرَاءَهُ مِنَ الشَّرِّ وَالِانْحِطَاطِ وَالشِّقَاقِ وَالْخَرَابِ الَّذِي عَمَّ أَرْجَاءَ الْأَرْضِ ... "وَبِالْجُمْلَةِ لَمْ تَكُنْ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أُمَّةٌ صَالِحَةُ الْمِزَاجِ، وَلَا مُجْتَمَعٌ قَائِمٌ عَلَى أَسَاسِ الْأَخْلَاقِ وَالْفَضِيلَةِ، وَلَا حُكُومَةٌ مُؤَسَّسَةٌ عَلَى أَسَاسِ الْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ، وَلَا قِيَادَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ، وَلَا دِينٌ صَحِيحٌ مَأْثُورٌ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ".
وَمِنْ ثَمَّ اقْتَضَتْ رَحْمَةُ اللَّهِ بِالْبَشَرِيَّةِ إِرْسَالَ رَسُولٍ مِنْ عِنْدِهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ. وَمَا كَانَ
[ ص: 3950 ] الَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَمِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لِيَتَحَوَّلُوا عَنْ ذَلِكَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ إِلَّا بِبَعْثَةِ هَذَا الرَّسُولِ الْمُنْقِذِ الْهَادِي الْمُبِينِ ...
وَلَمَّا قَرَّرَ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ فِي مَطْلَعِ السُّورَةِ عَادَ يُقَرِّرُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ خَاصَّةً لَمْ يَتَفَرَّقُوا وَيَخْتَلِفُوا فِي دِينِهِمْ عَنْ جَهْلٍ أَوْ عَنْ غُمُوضٍ فِي الدِّينِ أَوْ تَعْقِيدٍ. إِنَّمَا هُمْ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ وَمِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ مِنْ دِينِهِمْ عَلَى أَيْدِي رُسُلِهِمْ: