وفي الختام يجيء التعقيب على قضية ، وقضية الشرك قبلها والإيمان، برد كل ما في السماوات [ ص: 764 ] والأرض لله، وإحاطة الله بكل شيء في الحياة وما بعد الحياة: العمل والجزاء
ولله ما في السماوات وما في الأرض، وكان الله بكل شيء محيطا .
وإفراد الله سبحانه بالألوهية يصاحبه في القرآن كثيرا إفراده سبحانه بالملك والهيمنة والسلطان والقهر، فالتوحيد الإسلامي ليس مجرد توحيد ذات الله. وإنما هو توحيد إيجابي. توحيد الفاعلية والتأثير في الكون، وتوحيد السلطان والهيمنة أيضا .
ومتى شعرت النفس أن لله ما في السموات وما في الأرض. وأنه بكل شيء محيط، لا يند شيء عن علمه ولا عن سلطانه.. كان هذا باعثها القوي إلى إفراد الله سبحانه بالألوهية والعبادة; وإلى محاولة إرضائه باتباع منهجه وطاعة أمره.. وكل شيء ملكه. وكل شيء في قبضته. وهو بكل شيء محيط.
وبعض الفلسفات تقرر وحدانية الله. ولكن بعضها ينفي عنه الإرادة. وبعضها ينفي عنه العلم. وبعضها ينفي عنه السلطان. وبعضها ينفي عنه الملك.. إلى آخر هذا الركام الذي يسمى "فلسفات!" .. ومن ثم يصبح هذا التصور سلبيا لا فاعلية له في حياة الناس، ولا أثر له في سلوكهم وأخلاقهم; ولا قيمة له في مشاعرهم وواقعهم.. كلام! مجرد كلام!
إن الله في الإسلام، له ما في السموات وما في الأرض. فهو مالك كل شيء.. وهو بكل شيء محيط. فهو مهيمن على كل شيء.. وفي ظل هذا التصور يصلح الضمير. ويصلح السلوك. وتصلح الحياة..