[ ص: 139 ] قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=19087_27521_29706_30523_34145_34513_32210_30518_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، الآية: 33: اعلم أن الفواحش في اللغة، تقع على كل قبيح بولغ في نعته بالقبح، ولذلك يقال: قبيح: فاحش. وفي الآية ما يمنع من إجرائه على الفواحش كلها، فإنه ذكر الإثم والبغي، فدل على أن المراد بالفواحش بعضها، وإذا كان كذلك فالظاهر من الفواحش الزنا، ليصح أن يعطف عليه الإثم، والإثم لا يمكن حمله هاهنا على كل معصية صغيرة وكبيرة، فإن ذلك يمنع العطف، بل المراد به: شرب الخمر، لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قل فيهما إثم كبير ، وأما البغي بغير الحق فهو التطاول على الناس. وقد قيل: ذكر الفواحش، والمراد بها: الكبائر، وذكر الإثم، والمراد به صغائرها، ثم عطف على الأمرين ما يدخل فيهما، وهو البغي بغير الحق، والمعنى به أن يتجاوز في طلب الأمر الحد الذي يحسن، فيوصف عنده أنه بغي، لأن الأصل في البغي الطلب، ثم جعل للطلب المذموم، فدخل في الآية كل أنواع الظلم والبغي على الناس، والانقياد بغير حق، ثم حرم اتباع ما لا دليل عليه، والقول بما لا نعلم صحته، فدخل في ذلك قبح التمسك بالمذاهب، وقبح اتباع ما لا يجب اتباعه، فجمعت الآية المحرمات، كما جمع ما قبلها المحللات في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق مع ما فيه من تحريم الإسراف فيه، ولما حرم المحرمات نبه على اتباع الحجج والأدلة لكي يكون المكلف متحرزا في أمر دينه ودنياه.
[ ص: 139 ] قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=19087_27521_29706_30523_34145_34513_32210_30518_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، الْآيَةَ: 33: اعْلَمْ أَنَّ الْفَوَاحِشَ فِي اللُّغَةِ، تَقَعُ عَلَى كُلِّ قَبِيحٍ بُولِغَ فِي نَعْتِهِ بِالْقُبْحِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: قَبِيحٌ: فَاحِشٌ. وَفِي الْآيَةِ مَا يَمْنَعُ مِنْ إِجْرَائِهِ عَلَى الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْإِثْمَ وَالْبَغْيَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَوَاحِشِ بَعْضُهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ مِنَ الْفَوَاحِشِ الزِّنَا، لِيَصِحَّ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ الْإِثْمَ، وَالْإِثْمُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ هَاهُنَا عَلَى كُلِّ مَعْصِيَةٍ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الْعَطْفَ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ: شُرْبُ الْخَمْرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ، وَأَمَّا الْبَغْيُ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَهُوَ التَّطَاوُلُ عَلَى النَّاسِ. وَقَدْ قِيلَ: ذَكَرَ الْفَوَاحِشَ، وَالْمُرَادُ بِهَا: الْكَبَائِرُ، وَذِكْرُ الْإِثْمِ، وَالْمُرَادُ بِهِ صَغَائِرُهَا، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَا يَدْخُلُ فِيهِمَا، وَهُوَ الْبَغْيُ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَالْمَعْنَى بِهِ أَنْ يَتَجَاوَزَ فِي طَلَبِ الْأَمْرِ الْحَدَّ الَّذِي يَحْسُنُ، فَيُوصَفُ عِنْدَهُ أَنَّهُ بَغْيٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَغْيِ الطَّلَبُ، ثُمَّ جُعِلَ لِلطَّلَبِ الْمَذْمُومِ، فَدَخَلَ فِي الْآيَةِ كُلُّ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ عَلَى النَّاسِ، وَالِانْقِيَادِ بِغَيْرِ حَقٍّ، ثُمَّ حَرُمَ اتِّبَاعُ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ بِمَا لَا نَعْلَمُ صِحَّتَهُ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ قُبْحُ التَّمَسُّكِ بِالْمَذَاهِبِ، وَقُبْحُ اتِّبَاعِ مَا لَا يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، فَجَمَعَتِ الْآيَةُ الْمُحَرَّمَاتِ، كَمَا جَمَعَ مَا قَبْلَهَا الْمُحَلَّلَاتِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مَنْ الرِّزْقِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيمِ الْإِسْرَافِ فِيهِ، وَلَمَّا حَرَّمَ الْمُحَرَّمَاتِ نَبَّهَ عَلَى اتِّبَاعِ الْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ لِكَيْ يَكُونَ الْمُكَلَّفُ مُتَحَرِّزًا فِي أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ.