قوله تعالى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ، الآية 61: منسوخ بقوله تعالى: فاقتلوا المشركين ، و قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وهو الظاهر. فإن سورة براءة آخر ما نزلت فكان العهد بين رسول الله والمشركين قبل ذلك، وقد قال تعالى: فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون .
فنهى عن المسالمة عند القوة على قهر العدو وقتلهم، ولذلك قال بعض أصحابنا: إذا قدر بعض أهل الثغور على قتال العدو لم يجز مسالمتهم، قالوا: وإن قدروا بعد ذلك على قتالهم نبذوا إليهم على سواء إن توقعوا منهم غائلة، وإن لم يمكنهم دفع العدو عن أنفسهم إلا بمال يبذلونه لهم، جاز لهم ذلك، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد كان عيينة بن حصن وغيره يوم الأحزاب على نصف ثمار المدينة، حتى إنه لما شاور الأنصار، قالوا: هذا مما أمرك الله به أم الرأي والمكيدة ؟ فقال: لا بل [ ص: 164 ] هو رأي، لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحد، فأردت أن أدفعه عنكم إلى يوم، فقال السعدان - سعد بن عبادة رضي الله عنهما-: والله يا رسول الله إنهم لم يطمعوا فيها منا إلا بشراء أو قراء، ونحن كفار، فكيف وقد أعزنا الله تعالى بالإسلام، ولا نعطيهم إلا بالسيف، وشقا الصحيفة. وسعد بن معاذ صالح