قوله تعالى : كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم الآية .
يدل على أن من نفى أن يكون له عهد، إنما نفاه من حيث لم يستتم، بل غدر سرا أو جهرا، أو خيف منه الغدر، وذكر الشرك ذكر الباعث على الغدر، ثم قال : إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام .
فإنه لم يظهر منهم غدر.
فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم .
وهذا يدل على أن من نقض عهده فإنما نقضه لمكان الغدر، وتوقع الجناية، وإلا فلو استوى المستثنى والمستثنى منه في الاستقامة والوفاء لاستويا في وجوب الوفاء، ويدل عليه قوله تعالى فيما بعد : كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة .
[ ص: 182 ] فبين الله تعالى أن المعلوم من حالهم الغدر عند التمكن، وأنهم ينتهزون فرصة الاغتيال والمجاهرة بسر المكاشفة.
وبين أنهم في إظهار التمسك بالعهد منافقون لقوله : يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وقوله : ( إلا ) ، يحتمل القرابة والعهد والجوار.
ويحتمل أن يكون من أسماء الله تعالى يحلف به، فأبان أنهم لا يثبتون على العهد واليمين.