إن وليي أي: ناصري ومتولي جميع أموري الله أي: الجامع لصفات الكمال الذي نـزل أي: بحسب التدريج [ ص: 198 ] متكفلا بفصل الوقائع الكتاب أي: الجامع لعلوم الأولين والآخرين وأمر المعاش والمعاد وأحوال الدارين وكل ما فيه صلاح من أحوال القلوب وغيرها الذي عجزتم بأجمعكم ومن ادعيتم شركته عن معارضة شيء منه.
ولما تكفل هذا التنزيل بجميع الصفات، وهي الحياة التامة المستلزمة للإرادة والقدرة والعلم والسمع والبصر والكلام، وكان عجزهم عن المعارضة للكتاب دليلا شهوديا قوليا على كذبهم، أتبع ذلك دليلا آخر شهوديا فعليا فقال: وهو أي: وحده يتولى أي: يلي ولاية تامة الصالحين أي: كلهم بنصرهم على كل مناو وكفايتهم لكل مهم وقد علمتم ما قدمه في هذه السورة من وقائعه بمن كذب أنبياءه واستهزأ برسله وأنه أنجى كل من والاه، وأهلك جميع من عاداه كمن عدوهم آلهة، وهو وما بعده وما قبله متلفت إلى قوله تعالى: اتبعوا ما أنـزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء بالشرح، وهو دال على أنه الذي فعل ما تقدم لأجل أوليائه بدليل أنه أعجزهم عن معارضة شيء من كتابه، وعن الوصول إلى جميع ما يريدون من أوليائه وأحبابه.