فأمطر علينا حجارة ولعل تقييده بقوله: من السماء مع أن الإمطار لا يكون إلا منها - لإزالة وهم من يتوهم أن الإمطار مجاز عن مطلق الرجم وأنه إنما ذكر لبيان أن الحجارة المرجوم بها في الكثرة مثل المطر أو ائتنا بعذاب أليم أي: غير الحجارة، ولعل مرادهم بقولهم ذلك الإشارة إلى أن مجيء الوحي إليك من السماء خارق كما أن إتيان الحجارة منها كذلك، فإن كنت صادقا في إتيان الوحي إليك منها فأتنا بحجارة منها كما أتت الحجارة منها صونا من الله لبيته الذي أراد الجيش انتهاك حرمته وإعظاما له - أشار إلى ذلك أصحاب الفيل أبو حيان ، وهذه الآية والتي قبلها في "النضر بن الحارث أسره يوم المقداد بدر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله فقال : أسيري يا رسول الله! فقال: إنه كان يقول في كتاب الله تعالى ما يقول، فعاد المقداد رضي الله عنه لقوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أغن [ ص: 271 ] المقداد من فضلك، فقال: ذاك الذي أردت يا رسول الله! فقتله النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدت أخته المقداد قتيلة أبياتا منها:
ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق
"فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو بلغني هذا الشعر قبل قتله لمننت عليه" وعن رضي الله عنه أنه قال لرجل من معاوية سبأ: ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة! قال: أجهل من قومي قومك قالوا: إن كان هذا هو الحق من عندك وما قالوا: فاهدنا به، والسر الذي بينه في هذه الآية في إمهالهم هو أنه ما منعه من الإسراع في إجابة دعائهم كما فعل في وقعة بدر إلا إجلال مقامه صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم فقال: