أتم سبحانه تصوير حالتهم بقوله مبينا ما أشار إليه من لطف تدبره: إذ أي: اذكر إذ أردت علم ذلك حين يريكهم الله أي: الذي له صفات الكمال فهو يفعل ما يشاء في منامك قليلا تأكيدا لما تقدم إعلامه به من أن المصادمة - فضلا عما نشأ عنها - ما كان إلا منه وأنهم كانوا كالآلة التي لا اختيار لها، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رآهم في منامه قليلا فحدث أصحابه رضي الله عنهم بذلك فاطمأنت قلوبهم وشجعهم ذلك; وعين ما كان يحصل من الفساد لولا ذلك فقال: ولو أراكهم أي: في منامك أو غيره كثيرا
ولما كان الإخبار بعد الوقعة بضد ما وقع فيها مما يقتضي طبع البشر التوقف فيه، أكد قوله: لفشلتم أي: جبنتم ولتنازعتم أي: اختلفتم فنزع كل واحد منزعا خلاف منزع صاحبه في الأمر أي: فوهنتم فزادكم ذلك ضعفا وكراهة للقائهم ولكن الله أي: الذي [ ص: 290 ] أحاط بكل شيء قدرة وعلما سلم أي: ولكن لم يركهم كذلك فحصلت السلامة عما كان يتسبب عنها من النكوص، ثم بين العلة في ترتيبه ذلك وإخباره بهذا الأمر المفروض بقوله: إنه عليم أي: بالغ العلم بذات الصدور أي: ضمائرها من الجراءة والجبن وغيرهما قبل خطورها في القلوب.