ولما تقرر ذلك وتم على هذا السبيل الأحكم والمنهاج الأقوم، كان علة لمضمون قوله: يا أيها الذين آمنوا الآيتين، فكانتا نتيجته؛ لأنه إذا علم أن الأمر كله له ولا أثر لقلة ولا كثرة أثمر لمن هو في أدنى درجات الإيمان فضلا عن غيره قلة المبالاة بالظالمين وإن تجاوزت قواهم الحد، وزادوا كثرة على [ ص: 293 ] العد، والآيتان تذكرانهم بحالتهم التي أوجبت نصرهم ليلزموها في كل معترك ولا يتنازعوا كما تنازعوا في المغنم إذا لقيتم أي: قاتلتم لأن اللقاء اسم للقتال غالب فئة أي: طائفة مستحقة للقتال كما أغنى عن وصفها بذلك وصفهم بالإيمان فاثبتوا أي: في لقائها بقتالها كما ثبتم في بدر ولا تحدثوا أنفسكم بفرار واذكروا الله أي: الذي له كل كمال فكل شيء يطلب فهو عنده يوجد كثيرا أي: كما صنعتم ثم؛ لأن ذلك أمارة الصدق في الاعتماد عليه وحده، وذلك موجب للنصر لا محالة كما في الحديث القدسي: "إن عبدي كل عبدي للذي يذكرني عند لقاء قرنه"
ولما أمر بذلك، علله بأداة الترجي، ليكون أدل على فيكون للإيمان فقال: أنه سبحانه لا يجب عليه شيء لعلكم تفلحون أي: لتكونوا على رجاء من الفلاح وهو الظفر بالمراد من النصر والأجر وكما كنتم إذ ذاك