ولما بين السبب الموجب لمجازاتهم بجنس عملهم، وهو البراءة منهم وما يتبع ذلك إلى أن ختم بتقدير توبتهم، رجع إلى قسيم قوله: فما استقاموا لكم فقال: وإن نكثوا أيمانهم أي التي حلفوها لكم; ولما كان النقض ضارا وإن قصر زمنه، أتى بالجار فقال: من بعد عهدهم أي: الذي عقدوه وطعنوا أي: أوقعوا الطعن في دينكم أي: بقول أو فعل.
ولما كان هذا الفعل لا يستقل به في الأغلب إلا الرؤساء، أشار إلى ذلك بقوله: فقاتلوا ووضع موضع ضميرهم تحريضا على قتالهم وإشارة إلى أنهم ما نكثوا وأقدموا على هجنة الكذب ولم يستهجنوا الخروج عن عادات الكرام إلا وقد رسخوا في الكفر فقال: أئمة الكفر ثم أشار - بقوله: معللا لجواز المقاتلة: إنهم لا أيمان لهم إلى أن [ ص: 392 ] ذلك ولو فعله الأتباع ولم يكفهم الرؤساء فهو عن تمال منهم فابدؤوا بالرؤوس فاقطعوها تنقطع الأذناب، وقراءة بالكسر معناها: لا أمان لهم لأنهم قد نقضوا العهد الموجب له بما وقع منهم، ومن طعن من أهل الذمة في الإسلام طعنا ظاهرا جاز قتله؛ فإن العهد مأخوذ عليه أن لا يطعن، ثم علل المقاتلة بقوله: ابن عامر لعلهم ينتهون أي: اجعلوا قصدكم لقتالهم أن يكون حالهم حال من ينتهي عن غيه بما يرى منكم من صادق الجد بماضي الحد، روى في التفسير عن البخاري رضي الله عنه قال: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة ولا من المنافقين إلا أربعة أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده. حذيفة