ولما وهى سبحانه أمرهم من جهة استنادهم، زاد توهية من جهة مرادهم بالإعلام بأنهم بقتالهم لأهل الطاعة إنما يقاتلون الله وأنه لا ينفذ غرضهم بل يريد غير ما يريدون، ومن المقرر أنه لا يكون إلا ما يريد، فقال مستأنفا أو معللا لما مضى من أقوالهم وأفعالهم:
nindex.php?page=treesubj&link=29677_30549_32423_32431_34190_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32يريدون أن يطفئوا أي: بما مضى ذكره من أحوالهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32نور الله أي: دين الملك الأعلى الذي له الإحاطة العظمى، وشرعه الذي شرعه لعباده على ألسنة الأنبياء والرسل، كل ذلك ليتمكنوا من العمل بالأغراض والأهوية، فإن اتباع الرسل حاسم للشهوات، وهم أبعد الناس عن ذلك.
ولما حقر شأنهم، هدمه بالكلية بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32بأفواههم أي: بقول خال عن شيء يثبته أو يمضيه وينفذه، وفي تسمية دينه نورا ومعاندتهم إطفاء بالأفواه تمثيل لحالهم بحال من يريد إطفاء نور الشمس بنفخه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32ويأبى أي: والحال أنه يفعل فعل الأبي وهو أنه لا يرضى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32الله أي الذي له جميع العظمة والعز ونفوذ الكلمة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32إلا أن يتم نوره أي: لا يقتصر على مجرد إشراقه، بل وعد - وقوله الحق - بأنه لا بد من إكماله
[ ص: 444 ] وإطفائه لكل ما عداه وإحراقه. ولما في "يأبى" من معنى الجحد دخل عليه الاستثناء، أي: إنه يأبى كل حالة إلا حالة إتمامه نوره على التجدد والاستمرار
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32ولو كره الكافرون أي: العريقون في الكفر فكيف بغيرهم.
وَلَمَّا وَهَى سُبْحَانَهُ أَمْرَهُمْ مِنْ جِهَةِ اسْتِنَادِهِمْ، زَادَ تَوْهِيَةً مِنْ جِهَةِ مُرَادِهِمْ بِالْإِعْلَامِ بِأَنَّهُمْ بِقِتَالِهِمْ لِأَهْلِ الطَّاعَةِ إِنَّمَا يُقَاتِلُونَ اللَّهَ وَأَنَّهُ لَا يُنَفِّذُ غَرَضَهُمْ بَلْ يُرِيدُ غَيْرَ مَا يُرِيدُونَ، وَمِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ، فَقَالَ مُسْتَأْنِفًا أَوْ مُعَلِّلًا لِمَا مَضَى مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ:
nindex.php?page=treesubj&link=29677_30549_32423_32431_34190_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا أَيْ: بِمَا مَضَى ذِكْرُهُ مِنْ أَحْوَالِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32نُورَ اللَّهِ أَيْ: دِينَ الْمَلِكِ الْأَعْلَى الَّذِي لَهُ الْإِحَاطَةُ الْعُظْمَى، وَشَرْعُهُ الَّذِي شَرَعَهُ لِعِبَادِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، كُلُّ ذَلِكَ لِيَتَمَكَّنُوا مِنَ الْعَمَلِ بِالْأَغْرَاضِ وَالْأَهْوِيَةِ، فَإِنَّ اتِّبَاعَ الرُّسُلِ حَاسِمٌ لِلشَّهَوَاتِ، وَهُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ.
وَلَمَّا حَقَّرَ شَأْنَهُمْ، هَدَمَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32بِأَفْوَاهِهِمْ أَيْ: بِقَوْلٍ خَالٍ عَنْ شَيْءٍ يُثْبِتُهُ أَوْ يُمْضِيهِ وَيُنْفِذُهُ، وَفِي تَسْمِيَةِ دِينِهِ نُورًا وَمُعَانَدَتِهِمْ إِطْفَاءً بِالْأَفْوَاهِ تَمْثِيلٌ لِحَالِهِمْ بِحَالِ مَنْ يُرِيدُ إِطْفَاءَ نُورِ الشَّمْسِ بِنَفْخِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32وَيَأْبَى أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ يَفْعَلُ فِعْلَ الْأَبِيِّ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْضَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32اللَّهِ أَيِ الَّذِي لَهُ جَمِيعُ الْعَظَمَةِ وَالْعِزِّ وَنُفُوذُ الْكَلِمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ أَيْ: لَا يَقْتَصِرَ عَلَى مُجَرَّدِ إِشْرَاقِهِ، بَلْ وَعَدَ - وَقَوْلُهُ الْحَقُّ - بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِكْمَالِهِ
[ ص: 444 ] وَإِطْفَائِهِ لِكُلِّ مَا عَدَاهُ وَإِحْرَاقِهِ. وَلِمَا فِي "يَأْبَى" مِنْ مَعْنَى الْجَحْدِ دَخَلَ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ، أَيْ: إِنَّهُ يَأْبَى كُلَّ حَالَةٍ إِلَّا حَالَةَ إِتْمَامِهِ نُورَهُ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالِاسْتِمْرَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ أَيِ: الْعَرِيقُونَ فِي الْكُفْرِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ.