ثم فصل ظلمهم بقوله: الذين يصدون أي: يعرضون في أنفسهم ويمنعون غيرهم عن سبيل [ ص: 256 ] أي دين الله أي [الملك] الذي له الكمال كله مع أنه الولي الحميد ويبغونها أي: يريدون بطريق الدين الواسعة السهلة عوجا بإلقاء الشبهات والطعن في الدلائل مع كونها في غاية الاستقامة.
ولما كان النظر شديدا إلى بيان كذبهم وتكذيبهم، بولغ في تأكيد قوله: وهم أي: بضمائرهم وظواهرهم; ولما كان تكذيبهم بالآخرة شديدا، قدم قوله: بالآخرة وأعاد الضمير تأكيدا لتعيينهم وإثبات غاية الفساد لبواطنهم واختصاصهم بمزيد الكفر [فقال]: هم كافرون أي: عريقون في هذا الوصف; والعرض: إظهار الشيء بحيث يرى للتوقيف على حالة; والصد: المنع بالإغراء الصارف عن الأمر; والبغية: طلب أمر من الأمور، وهي إرادة وجدان المعنى بما يطمع فيه; والعوج: العدول عن طريق الصواب، وهو في المعنى كالدين بالكسر، وفي غيره كالعود بالفتح فرقا بين ما يرى وما لا يرى، جعلوا السهل للسهل والصعب للصعب; روى في التفسير عن البخاري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في النجوى: « ابن عمر هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين يدنى المؤمن من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقرره بذنوبه: تعرف ذنب كذا؟ يقول: أعرف رب أعرف - مرتين، ويقول: سترتها عليك في الدنيا وأغفرها لك اليوم، ثم يطوي صحيفة حسناته، وأما الآخرون أو الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد: