ولما تقدم قولهم ما يحبسه كان كأنه قيل في الرد عليهم: نحن قادرون على تعجيله، وهو - كما أشرنا إليه في هذه الآية - عندنا متى شئنا في غاية السهولة: وما نؤخره أي اليوم أو الجزاء مع ما لنا من العظمة والقدرة التامة على إيجاده لشيء من الأشياء إلا لأجل أي: لأجل انتهاء أجل معدود سبق في الأزل تقديره ممن لا يبدل القول لديه وكل شيء في حكمه، فهو لا يخشى الفوت; ومادة "أجل" بتراكيبها الأربعة: أجل وجأل وجلأ ولجأ تدور على المدة المضروبة للشيء، فالأجل - محركة: مدة الشيء وغاية الوقت في الموت وحلول الدين [ ص: 377 ] من تسمية الجزء باسم الكل، والتأجيل: تحديد الأجل، ويلزمه التأخير، ومنه أجل الشيء كفرح - إذا تأخر، والآجلة: الآخرة، وأجل الشيء - بالفتح: حبسه ومنعه، لأن الأجل حابس ومانع للمؤجل، ومنه أجلى كجمزى، وهو مرعى لهم معروف كأنه لحسنه يحبس الراعي فيه، وأجل الشر عليهم: حناه وأثاره وهيجه، ولأهله: كسب وجمع واحتال، لأن ذلك كله من لوازم ذي الأجل، أو المعنى أنه أوجد أجل ذلك، وكمقعد ومعظم: مستنقع الماء، لأنه محيط به إحاطة الأجل بالمؤجل، وأجله فيه تأجيلا: جمعه فتأجل، والمأجل: الحوض يحبس فيه الماء، وأجلوا ما لهم: حبسوه في المرعى، والأجل - بالكسر: قطيع من بقر الوحش، تشبيها له في اجتماعه من حيث إنه أحصن له بالأجل لأنه - كما قيل - حصن حصين، والأجل - بالكسر أيضا: وجع في العنق، لأنه من أسباب حلول الأجل، وأجله: داواه منه، وبالضم جمع أجيل للمتأخر وللمجتمع من الطين يجعل حول النخلة، لإحاطته بها إحاطة الأجل وتحصينه لها، وتأجل القوم: تجمعوا، لأن التجمع أحصن لهم، وأجل - بفتحتين ثم سكون: جواب كنعم وزنا ومعنى إلا أنه أحسن منه في التصديق، ونعم منه في الاستفهام، وحقيقة ذلك الإخبار بأن أجل - أي وقت - ذلك الفعل الموجب أو المستفهم [ ص: 378 ] عنه قد حضر، وفعلت ذلك أجلك - من غير "من" - ومن أجلك، ومن أجلاك [ومن أجلالك] ويكسر في الكل، أي من جللك - قاله في القاموس، وقال في فصل الجيم: وفعلته من جلك - بالضم - وجلالك وجللك - محركة - وتجلتك وإجلالك - بالكسر، ومن أجل إجلالك ومن أجلك بمعنى - انتهى.
وحقيقته أن فعلي مبتدأ من أجلك - بالتحريك، أو تكون "من" سببية، أي أجلك سبب فيه، ولولا وجودك ما فعلته فهو لتعظيمك; والملجأ واللجأ - محركة: المعقل والملاذ، كأنه شبه بالأجل، ومنه لجأ إليه - كمنع وفرح: لاذ، وألجأ أمره إلى الله: أسنده، وألجأ فلانا إلى كذا: اضطره، والتلجئة: الإكراه، واللجأ - محركا: الضفدع، لالتجائها إلى الماء; ومن ذلك الجيأل - كصيقل، وجيأل وجيألة ممنوعين، وجيل بلا همز كله اسم الضبع لكثرة لجائها إلى وجارها، ومنه جئل - كفرح - جألانا: عرج، كأنه تشبيه بمشيتها، لأن من أسمائها العرجاء، أو تشبيه بمشية الراقي في درج الملجأ، أي الحصن، وكذا الأجل - كقنب وقبر - وهو ذكر الأوعال، لأن قرونه كالحصن له، وجيألة الجرح: غثيثه، وهو مريه، لأنه من أسباب قرب الأجل ، وكذا الاجئلال - أي الفزع - ربما كان سببا [ ص: 379 ] لذلك، وربما كان سببا للمبادرة إلى الحصن، وجأل - كمنع: ذهب وجاء، والصوف: جمعه واجتمع - لازم متعد، كله من لوازم الأجل بمعنى المدة، وجلأ بالرجل - كمنع: صرعه، وبثوبه: رماه، كأنه جعله في قوة من حضر أجله، وإن شئت قلت في ضبط ذلك: إن المادة - مع دورانها على المدة - تارة تنظر إلى نفس المدة، وتارة إلى آخرها، وتارة [إلى] امتدادها وتأخرها، وتارة إلى ما يدني منه، وتارة إلى منفعتها، وتارة إلى ما يلزم فيها، فمن النظر إلى نفس المدة: التأجيل بمعنى تحديد الأجل، وهو مدة الشيء، وفعلت هذا من أجلك، أي لولا وجودك ما فعلته، وأجل بمعنى نعم، أي حضرت مدة الفعل، ومن النظر إلى الآخر: دنا الأجل - في الموت والدين، ومن النظر إلى التأخر: أجل الشيء - إذا تأخر، والآجلة: الآخرة، ومن النظر إلى السبب المدني: الأجل - بالكسر - لوجع في العنق، وجيألة الجرح - لغثيثه أي مريه، وجلأ بالرجل: صرعه وبثوبه: رماه، وأجل الشر عليهم: جناه، أو أثاره وهيجه، والاجئلال: الفزع، ومن النظر إلى المنفعة وهي أن التأجيل الذي هو تحديد الأجل للشيء مانع من أخذه دون ما ضرب له من المدة: الأجل - بالكسر - للقطيع من بقر الوحش، وأجل الشيء: حبسه ومنعه، وأجلى كجمزى: مرعى [ ص: 380 ] لهم معروف، وتأجل القوم: تجمعوا، وجأل الصوف جمعه، واللجاء والملجأ: المعقل والملاذ، والضفدع للزومها ملجأها من الماء، والجيأل للضبع للزومها وجارها، ولذلك تسمى أم عامر، وجئل - كفرح: عرج، كأنه شبه بمشيتها لأنها تسمى العرجاء، والأجل كقنب وقبر - لذكر الأوعال، لتحصنه بقرونه، والأجل - بالضم: المجتمع من الطين يجعل حول النخلة، والمآجل: الحوض يحبس فيه الماء، ومستنقع الماء مطلقا، وأجله تأجيلا: جمعه، ومن النظر إلى ما يلزم في المدة: أجل لأهله: كسب وجمع وجلب واحتال، وجأل - كمنع: جاء وذهب; فقد تبين أن المراد بالأجل هنا الحين.