ولما تقرر ذلك، ابتدأ [بذكر] الآيات الواقعة في ظرف هذا الكون فقال: إذ قالوا أي: كان ذلك حين قال الإخوة بعد أن قص الرؤيا عليهم وسول لهم الشيطان - كما ظن يعقوب عليه الصلاة والسلام - مقسمين دلالة على غاية الاهتمام بهذا الكلام، وأنه مما حركهم غاية التحريك، [ ص: 22 ] أو هي لام الابتداء المؤكدة المحققة لمضمون الجملة ليوسف وأخوه أي شقيقه بنيامين أحب وحددا لأن أفعل ما يستوي فيه الواحد وما فوقه مذكرا كان أو مؤنثا إذا لم يعرف أو يضف إلى أبينا منا أي يحبهما أكثر مما يحبنا; والحب: ميل يدعو إلى إرادة [الخير] والنفع للمحبوب بخلاف الشهوة، فإنها ميل النفس ومنازعتها إلى ما فيه لذتها " و " الحال أنا " نحن عصبة " أي: أشداء في أنفسنا ويشد بعضنا بعضا، وأما هما فصغيران لا كفاية عندهما; والعصبة من العشرة إلى الأربعين، فكأنه قيل: فكان ماذا؟ - على تقدير أن يكونا أحب إليه، فقالوا مؤكدين لأن حال أبيهما في الاستقامة والهداية داع إلى تكذيبهم: إن أبانا لفي ضلال أي: ذهاب عن طريق الصواب في ذلك مبين حيث فضلهما علينا، والقرب المقتضي للحب في كلنا واحد، لأنا في البنوة سواء، ولنا مزية تقتضي تفضيلنا، وهي أنا عصبة، لنا من النفع له والذب عنه والكفاية ما ليس لهما; قال الإمام أبو حيان : وأحب أفعل التفضيل، وهو مبني من المفعول [ ص: 23 ] شذوذا، ولذلك عدي بـ "إلى" لأنه إذا كان ما تعلق به فاعلا من حيث المعنى عدي إليه بـ "إلى" وإذا كان مفعولا عدي إليه بـ "في" ، تقول زيد أحب إلى عمرو من خالد ، فالضمير في "أحب" مفعول من حيث المعنى، وعمرو هو المحب، وإذا قلت: زيد أحب في عمرو من خالد ، كان الضمير فاعلا وعمرو هو المحبوب، ومن خالد - في المثال الأول محبوب، وفي المثال الثاني فاعل، قال: والضلال هنا هو الهدى - قاله رضي الله عنهما - انتهى. ابن عباس