ولما كان التحذير من التبديل إنما هو في عمل العدل وكان الموصي ربما جار في وصيته لجهل أو غرض تسبب عنه قوله: فمن خاف أي علم وتوقع وظن، أطلقه عليه لأنه من أسبابه، ولعله عبر بذلك إشارة إلى أنه يقنع فيه بالظن من موص جنفا أي ميلا في الوصية خطأ أو إثما أي ميلا فيها عمدا.
قال : وكان حقيقة معنى الجنف إخفاء حيف في صورة بر - انتهى. [ ص: 38 ] الحرالي فأصلح بينهم أي بين الموصي والموصى لهم إن كان ذلك قبل موته بأن أشار عليه بما طابت به الخواطر، أو بين الموصى لهم والورثة بعد موته إن خيف من وقوع شر فوفق بينهم على أمر يرضونه.
وقال : وفي إشعاره بذكر الخوف من الموصي ما يشعر أن ذلك في حال حياة الموصي ليس بعد قرار الوصية على جنف بعد الموت، فإن ذلك لا يعرض له مضمون هذا الخطاب، وفي إيقاع الإصلاح على لفظة "بين" إشعار بأن الإصلاح نائل البين الذي هو وصل ما بينهم فيكون من معنى ما يقوله النحاة مفعول على السعة حيث لم يكن فأصلح بينه وبينهم - انتهى. الحرالي
فلا إثم عليه أي بهذا التبديل. ولما كان المجتهد قد يخطئ فلو أوخذ بخطئه أحجم عن الاجتهاد جزاه الله سبحانه عليه بتعليل رفع الإثم بقوله إعلاما بتعميم الحكم في كل مجتهد: إن الله أي المختص بإحاطة العلم [ ص: 39 ] غفور أي لمن قصد خيرا فأخطأ رحيم أي يفعل به من الإكرام فعل الراحم بالمرحوم.