ثم تسبب عن كونه مبينا العلم بأن وصف البشارة مراد وإن طوي، فدل عليه سبحانه بقوله تفضيلا لأهل البشارة والنذارة: فالذين آمنوا أي أقروا بالإيمان وعملوا أي تصديقا لدعواهم ذلك الصالحات لهم مغفرة لما فرط منهم من التقصير لأنه لن يقدر أحد أن يقدر الله حق قدره.
ولما كان هذا أول الإذن في القتال، الموجب لمنابذة الكفار، ومهاجرة الأهل والأموال والديار، وكان ذلك - مع كونه في غاية الشدة - موجبا للفقر عادة، قال محققا له ومنبها على أنه سبب الرزق: ورزق أي في الدنيا بالغنائم وغيرها، والآخرة بما [ ص: 68 ] لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر كريم لا خسة فيه ولا دناءة بانقطاع ولا غيره أصلا ما داموا على الاتصاف بذلك، هذا فعل ربهم بهم عكس ما وصف به مدعو الكفار من أن ضره أقرب من نفعه.