ولما أخبر تعالى عن أنه لا حجة لعابد غيره، وهدد من عاند، أتبعه بأن الحجة قائمة على أن ذلك الغير في غاية الحقارة، ولا قدرة
[ ص: 95 ] له على دفع ما هدد به عابدوه ولا على غيره، فكيف بالصلاحية لتلك الرتبة الشريفة، والخطة العالية المنيفة، فقال مناديا أهل العقل منبها تنبيها عاما:
nindex.php?page=treesubj&link=19731_28902_31742_34131_34246_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73يا أيها الناس .
ولما كان المقصود من المثل تعقله لا قائله، بني للمفعول قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73ضرب مثل حاصله أن من عبدتموه أمثالكم، بل هم أحقر منكم
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73فاستمعوا أي أنصتوا متدبرين
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73له ثم فسره بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73إن الذين تدعون أي في حوائجكم، وتجعلونهم آلهة
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73من دون الله أي الملك الأعلى من هذه الأصنام التي أنتم بها مغترون، ولما تدعون فيها مفترون، لأن سلب القدرة عنها يبين أنها في أدنى المراتب
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73لن يخلقوا ذبابا أي لا قدرة لهم على ذلك الآن، ولا يتجدد لهم هذا الوصف أصلا في شيء من الأزمان، على حال من الأحوال، مع صغره، فكيف بما هو أكبر منه
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73ولو اجتمعوا أي الذين زعموهم شركاء
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73له أي الخلق، فهم في هذا أمثالكم
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73وإن أي وأبلغ من هذا أنهم عاجزون عن مقاومة الذباب فإنه إن
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73يسلبهم الذباب أي الذي تقدم أنه لا قدرة لهم على خلقه وهو في غاية الحقارة
[ ص: 96 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73شيئا من الأشياء جل أو قل مما تطلونهم به من الطيب أو تضعونه بين أيديهم من الأكل أوغيره
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73لا يستنقذوه أي يوجدوا خلاصه أو يطلبوه
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73منه فهم في هذا أحقر منكم، وجهة التمثيل به في الاستلاب الوقاحة، ولهذا يجوز عند الإبلاغ في الذب، فلو كانت وقاحته في الأسد لم ينج منه أحد، ولكن اقتضت الحكمة أن تصحب قوة الأسد النفرة، ووقاحة الذباب الضعف، وهو واحد لا جمع، ففي الجمع بين العباب والمحكم أن
ابن عبيدة قال: إنه الصواب، ثم قال: وفي "كتاب ما تلحن فيه العامة"
لأبي عثمان المازني : ويقال: هذا ذباب واحد، وثلاثة أذبة، لأقل العدد ولأكثره ذباب، وقول الناس: ذبابة - خطأ، فلا تقله -.
ولما كان هذا ربما أفهم قوة الذباب، عرف أن المقصود غير ذلك بقوله، فذلكة للكلام من أوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73ضعف الطالب أي للاستنقاذ من الذباب، وهو الأصنام وعابدوها
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73والمطلوب أي الذباب والأصنام، اجتمعوا في الضعف وإن كان الأصنام أضعف بدرجات.
وَلَمَّا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لِعَابِدِ غَيْرِهِ، وَهَدَّدَ مَنْ عَانَدَ، أَتْبَعْهُ بِأَنَّ الْحُجَّةَ قَائِمَةٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ فِي غَايَةِ الْحَقَارَةِ، وَلَا قُدْرَةَ
[ ص: 95 ] لَهُ عَلَى دَفْعِ مَا هَدَّدَ بِهِ عَابِدُوهُ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، فَكَيْفَ بِالصَّلَاحِيَةِ لِتِلْكَ الرُّتْبَةِ الشَّرِيفَةِ، وَالْخُطَّةِ الْعَالِيَةِ الْمَنِيفَةِ، فَقَالَ مُنَادِيًا أَهْلَ الْعَقْلِ مُنَبِّهًا تَنْبِيهًا عَامًّا:
nindex.php?page=treesubj&link=19731_28902_31742_34131_34246_28993nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73يَا أَيُّهَا النَّاسُ .
وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْمَثَلِ تَعَقُّلَهُ لَا قَائِلَهُ، بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73ضُرِبَ مَثَلٌ حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ عَبَدْتُمُوهُ أَمْثَالُكُمْ، بَلْ هُمْ أَحْقَرُ مِنْكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73فَاسْتَمِعُوا أَيْ أَنْصِتُوا مُتَدَبِّرِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73لَهُ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ أَيْ فِي حَوَائِجِكُمْ، وَتَجْعَلُونَهُمْ آلِهَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73مِنْ دُونِ اللَّهِ أَيِ الْمَلِكِ الْأَعْلَى مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَامِ الَّتِي أَنْتُمْ بِهَا مُغْتَرُّونَ، وَلِمَا تَدَّعُونَ فِيهَا مُفْتَرُونَ، لِأَنَّ سَلْبَ الْقُدْرَةِ عَنْهَا يُبَيِّنُ أَنَّهَا فِي أَدْنَى الْمَرَاتِبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا أَيْ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْآنَ، وَلَا يَتَجَدَّدُ لَهُمْ هَذَا الْوَصْفُ أَصْلًا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَزْمَانِ، عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، مَعَ صِغَرِهِ، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73وَلَوِ اجْتَمَعُوا أَيِ الَّذِينَ زَعَمُوهُمْ شُرَكَاءَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73لَهُ أَيِ الْخَلْقُ، فَهُمْ فِي هَذَا أَمْثَالُكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73وَإِنْ أَيْ وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ عَاجِزُونَ عَنْ مُقَاوَمَةِ الذُّبَابِ فَإِنَّهُ إِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ أَيِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى خَلْقِهِ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحَقَارَةِ
[ ص: 96 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ جَلَّ أَوْ قَلَّ مِمَّا تَطْلُونَهُمْ بِهِ مِنَ الطِّيبِ أَوْ تَضَعُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْأَكْلِ أَوَغَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73لا يَسْتَنْقِذُوهُ أَيْ يُوجِدُوا خَلَاصَهُ أَوْ يَطْلُبُوهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73مِنْهُ فَهُمْ فِي هَذَا أَحْقَرُ مِنْكُمْ، وَجِهَةُ التَّمْثِيلِ بِهِ فِي الِاسْتِلَابِ الْوَقَاحَةُ، وَلِهَذَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِبْلَاغِ فِي الذَّبِّ، فَلَوْ كَانَتْ وَقَاحَتُهُ فِي الْأَسَدِ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ أَحَدٌ، وَلَكِنِ اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ أَنْ تَصْحَبَ قُوَّةَ الْأَسَدِ النَّفْرَةُ، وَوَقَاحَةَ الذُّبَابِ الضَّعْفُ، وَهُوَ وَاحِدٌ لَا جَمْعٌ، فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْعُبَابِ وَالْمُحْكَمِ أَنَّ
ابْنَ عُبَيْدَةَ قَالَ: إِنَّهُ الصَّوَابُ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي "كِتَابِ مَا تَلْحَنُ فِيهِ الْعَامَّةُ"
لِأَبِي عُثْمَانَ الْمَازِنِيِّ : وَيُقَالُ: هَذَا ذُبَابٌ وَاحِدٌ، وَثَلَاثَةُ أَذِبَّةٍ، لِأَقَلِّ الْعَدَدِ وَلِأَكْثَرِهِ ذُبَابٌ، وَقَوْلُ النَّاسِ: ذُبَابَةٌ - خَطَأٌ، فَلَا تَقُلْهُ -.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا رُبَّمَا أَفْهَمُ قُوَّةَ الذُّبَابِ، عَرَّفَ أَنَّ الْمَقْصُودَ غَيْرُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، فَذْلَكَةً لِلْكَلَامِ مِنْ أَوَّلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73ضَعُفَ الطَّالِبُ أَيْ لِلِاسْتِنْقَاذِ مِنَ الذُّبَابِ، وَهُوَ الْأَصْنَامُ وَعَابِدُوهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=73وَالْمَطْلُوبُ أَيِ الذُّبَابُ وَالْأَصْنَامُ، اجْتَمَعُوا فِي الضَّعْفِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْنَامُ أَضْعَفَ بِدَرَجَاتٍ.