ولما تقدم سبحانه إلى عباده في الأمور العامة للأحوال والأشخاص في الزنى وأسبابه، فحكم وقرر، ووعظ وحذر، أتبعه أسباب العصمة التي هي نعم العون على التوبة فقال مرشدا: وأنكحوا الأيامى مقلوب أيايم جمع أيم، وزن فعيل من آم، عينه ياء، وهو العزب ذكرا كان أو أنثى أو بكرا منكم أي من أحراركم، وأغنى لفظ الأيم عن ذكر الصلاح لأنه لا يقال لمن قصر عن درجة النكاح والصالحين أي للنكاح من عبادكم وإمائكم أي أرقائكم الذكور والإناث، احتياطا لمصالحهم وصونا لهم عن الفساد امتثالا لما ندب إليه حديث . "تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة"
ولما كان للزواج كلف يهاب لأجلها، لما طبع الآدمي عليه من الهلع في قلة الوثوق بالرزق، أجاب من كأنه قال: قد يكون الإنسان [ ص: 266 ] غير قادر لكونه معدما، بقوله: إن يكونوا أي كل من ذكر من حر أو عبد، والتعبير بالمضارع يشعر بأنه قد يكون في النكاح ضيق وسعة فقراء أي من المال يغنهم الله أي الذي له الكمال كله، إذا تزوجوا من فضله لأنه قد كتب لكل نفس رزقها فلا يمنعكم فقرهم من إنكاحهم، وعن عن ابن أبي حاتم رضي الله عنه أنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى . أبي بكر الصديق
وقال : قال البغوي رضي الله عنه: عجبت لمن يبتغي الغنى بغير النكاح - وقرأ هذه الآية . وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا هذه الآية . ابن مسعود . ابن جرير ولأحمد والترمذي والنسائي عن وابن ماجة رضي الله عنه رفعه: أبي هريرة ويؤيده ما في الصحيح من "ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي [ ص: 267 ] في سبيل الله" . حديث الواهبة نفسها حيث زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لم يجد ولا خاتما من حديد
ولما كان التقدير: فالله ذو فضل عظيم، عطف عليه قوله: والله أي ذو الجلال والإكرام واسع عليم أي فهو بسعة قدرته يسوق ما كتبه للمرأة على يد الزوج، وبشمول علمه يسبب أسبابه.