ولما كان هذا الكافر ليس فيه شيء غير الندم لكونه صلى الله عليه وسلم لم يأته في قتله إذن خاص ، وكان قد أخبر عنه بالندم ، تشوفت أنفس البصراء إلى الاستغفار عنه ، علما منهم بأن ، فأجيبوا بالإخبار عن مبادرته إلى ذلك بقوله : عادة الأنبياء وأهل الدرجات العلية استعظام الهفوات قال وأسقط أداة النداء ، على عادة أهل الاصطفاء ، فقال : رب أي : أيها المحسن إلي.
ولما كان حال المقدم على شيء دالة على إرادته فاستحسانه إياه ، أكد قوله إعلاما بأن باطنه على غير ما دل عليه ظاهره فقال : إني ظلمت نفسي أي : بالإقدام على ما لم يتقدم إلي فيه [إذن] بالخصوص وإن كان مباحا.
ولما كان المقرب قد يعد حسنة غيره سيئته ، قال مسببا عن ذلك : فاغفر أي : امح هذه الهفوة عينها وأثرها لي أي : لأجلي لا تؤاخذني فغفر أي : أوقع المحو لذلك كما سأل إكراما له ثم علل ذلك [ ص: 258 ] بقوله مشيرا إلى أن صفة غيره عدم بالنسبة إلى صفته مؤكدا لذلك : إنه هو أي : وحده الغفور أي : البالغ في صفة الستر لكل من يريد الرحيم أي : العظيم الرحمة بالإحسان بالتوفيق إلى الأفعال المرضية لمقام الإلهية ، ولأجل أن هذه صفته ، رده إلى فرعون وقومه حين أرسله إليهم فلم يقدروا على مؤاخذته بذلك بقصاص ولا غيره بعد أن نجاه منهم قبل الرسالة على غير قياس.