ولما اقتضى هذا القول أنه آواه إليه ، علمت ابنتاه مضمونه ، وكانتا قد رأتا من كفايته وديانته ما يرغب في عشرته ، فتشوفت النفس إلى حالهما حينئذ ، فقال مستأنفا لذلك : قالت إحداهما أي : المرأتين. قيل : وهي التي دعته إلى أبيها مشيرة [بالنداء] بأداة البعد إلى استصغارها لنفسها وجلالة أبيها : يا أبت استأجره ليكفينا ما يهمنا; ثم عللت قولها فقالت مؤكدة إظهارا لرغبتها في الخير واغتباطها به : إن خير من استأجرت لشيء من الأشياء القوي وهو هذا لما رأيناه من قوته في السقي الأمين لما تفرسنا فيه من حيائه ، وعفته في نظره ومقاله وفعاله ، وسائر أحواله ; قال أبو حيان : وقولها قول حكيم جامع ، لأنه إذا اجتمعت الأمانة والكفاية في القائم بأمر فقد تم المقصود.