ولما بين سبحانه في هذه السورة من غرائب أمر
موسى عليه الصلاة والسلام وخفي أحواله ما بين ، وكانت [هذه] الأخبار لا يقدر أهل الكتاب على إنكارها ، نوعا من الإنكار ، وكان من المشهور أي اشتهار أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرفها ولا سواها من غير الواحد القهار ، أشار إلى ذلك سبحانه بقوله حالا من ضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43آتينا nindex.php?page=treesubj&link=32238_34195_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وما كنت بجانب الغربي أي : الوادي من
الطور الذي رأى
موسى عليه السلام فيه النار ، [وهو مما يلي البحر منه من جهة الغرب على يمين المتوجه إلى ناحية
مكة المشرفة من ناحية
مصر ] ، فناداه منه العزيز
[ ص: 303 ] الجبار ، وهو
ذو طوى nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44إذ أي : حين
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44قضينا بكلامنا بما حوى من الجلال ، وزاد العظمة في رفيع درجاته بالإشارة بحرف الغاية فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44إلى موسى الأمر أي : أمر إرساله إلى
فرعون وقومه ، وما نريد أن نفعل من ذلك في أوله وأثنائه [وآخره] مجملا ، فكان كل ما أخبرنا به مطابقا تفصيله لإجماله ، فأنت بحيث تسمع ذلك الذي قضيناه إليه من الجانب الذي أنت فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وما كنت أي : بوجه من الوجوه
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44من الشاهدين لتفاصيل ذلك الأمر الذي أجملناه
لموسى في ذلك المكان في أوقاته مع من شهده منه من أهل ذلك العصر من السبعين الذين اختارهم أو غيرهم ممن تبعه أو صد عنه حتى تخبر به كله على هذا الوجه الذي أتيناك به في هذه الأساليب المعجزة ، ولا شك أن أمر معرفتك كذلك منحصر في شهودك إياه في وقته أو تعلمك له من الخالق ، أو من الخلائق الذين شاهدوه ، أو أخبرهم به من شاهده ، وانتفاء تعلمه من أحد من الخلائق في الشهرة بمنزلة انتفاء شهوده له في وقته ، فلم يبق إلا تلقيه له من الخالق ، وهو الحق الذي لا شبهة فيه عند منصف.
وَلَمَّا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ غَرَائِبِ أَمْرِ
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَخِفِيِّ أَحْوَالِهِ مَا بَيَّنَ ، وَكَانَتْ [هَذِهِ] الْأَخْبَارُ لَا يَقْدِرُ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى إِنْكَارِهَا ، نَوْعًا مِنَ الْإِنْكَارِ ، وَكَانَ مِنَ الْمَشْهُورِ أَيَّ اشْتِهَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْرِفْهَا وَلَا سِوَاهَا مِنْ غَيْرِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43آتَيْنَا nindex.php?page=treesubj&link=32238_34195_28999nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ أَيْ : الْوَادِي مِنَ
الطُّورِ الَّذِي رَأَى
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ النَّارَ ، [وَهُوَ مِمَّا يَلِي الْبَحْرَ مِنْهُ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ عَلَى يَمِينِ الْمُتَوَجِّهِ إِلَى نَاحِيَةِ
مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ مِنْ نَاحِيَةِ
مِصْرَ ] ، فَنَادَاهُ مِنْهُ الْعَزِيزُ
[ ص: 303 ] الْجَبَّارُ ، وَهُوَ
ذُو طَوًى nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44إِذْ أَيْ : حِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44قَضَيْنَا بِكَلَامِنَا بِمَا حَوَى مِنَ الْجَلَالِ ، وَزَادَ الْعَظَمَةَ فِي رَفِيعِ دَرَجَاتِهِ بِالْإِشَارَةِ بِحَرْفِ الْغَايَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44إِلَى مُوسَى الأَمْرَ أَيْ : أَمْرَ إِرْسَالِهِ إِلَى
فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نَفْعَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِهِ وَأَثْنَائِهِ [وَآخِرِهِ] مُجْمَلًا ، فَكَانَ كُلُّ مَا أَخْبَرْنَا بِهِ مُطَابِقًا تَفْصِيلُهُ لِإِجْمَالِهِ ، فَأَنْتَ بِحَيْثُ تَسْمَعُ ذَلِكَ الَّذِي قَضَيْنَاهُ إِلَيْهِ مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وَمَا كُنْتَ أَيْ : بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44مِنَ الشَّاهِدِينَ لِتَفَاصِيلِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الَّذِي أَجْمَلْنَاهُ
لِمُوسَى فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فِي أَوْقَاتِهِ مَعَ مَنْ شَهِدَهُ مِنْهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ مِنَ السَّبْعِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ أَوْ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ تَبِعَهُ أَوْ صَدَّ عَنْهُ حَتَّى تُخْبِرَ بِهِ كُلِّهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي أَتَيْنَاكَ بِهِ فِي هَذِهِ الْأَسَالِيبِ الْمُعْجِزَةِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ أَمْرَ مَعْرِفَتِكَ كَذَلِكَ مُنْحَصِرٌ فِي شُهُودِكَ إِيَّاهُ فِي وَقْتِهِ أَوْ تَعَلُّمِكَ لَهُ مِنَ الْخَالِقِ ، أَوْ مِنَ الْخَلَائِقِ الَّذِينَ شَاهَدُوهُ ، أَوْ أَخْبَرَهُمْ بِهِ مَنْ شَاهَدَهُ ، وَانْتِفَاءُ تَعَلُّمِهِ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْخَلَائِقِ فِي الشُّهْرَةِ بِمَنْزِلَةِ انْتِفَاءِ شُهُودِهِ لَهُ فِي وَقْتِهِ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا تَلَقِّيهُ لَهُ مِنَ الْخَالِقِ ، وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ عِنْدَ مُنْصِفٍ.