ولما كان كأنه قيل: قد فهم من سياق هذه القصة أن القصد الإقبال عليه سبحانه، وقطع جميع العلائق من غيره، لأنه قادر على كل شيء، فهو يكفي من أقبل عليه كل مهم وإن كان في غاية العجز عنه، تارة بسبب ظاهر وتارة بغيره فما له لم يحكم بالاتفاق على كلمة السلام، لتحصل الراحة من هذا العناء كله، فأجيب بأن هذا لتظهر صفة العز والعظمة والعدل وغيرها ظهورا تاما إلى غير ذلك من حكم ينكشف عنها الحجاب، وترفع لتجليها غاية التجلي ستور الأسباب، فقال تعالى معلقا بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9جاءتكم جنود nindex.php?page=treesubj&link=19474_28723_29694_30526_30538_30564_32491_34092_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24ليجزي الله أي الذي يريد إظهار جميع صفاته يوم البعث للخاص والعام ظهورا تاما
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24الصادقين في ادعاء أنهم آمنوا به
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24بصدقهم فيعلي أمرهم في
[ ص: 331 ] الدنيا وينعمهم في الأخرى، فالصدق سبب وإن كان فضلا منه لأنه الموفق له
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24ويعذب المنافقين في الدارين بكذبهم في دعواهم الإيمان المقتضي [لبيع] النفس والمال
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24إن شاء يعذبهم على النفاق
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24أو يتوب عليهم أي بما يرون من صدقه سبحانه في إعزاز أوليائه وإذلال أعدائه بقدرته التامة حيث كانوا قاطعين بخلاف ذلك.
ولما كانت توبة المنافقين مستبعدة لما يرون من صلابتهم في الخداع وخبث سرائرهم، قال معللا ذلك كله على وجه التأكيد:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24إن الله أي بما له من الجلال والجمال
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24كان أزلا وأبدا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24غفورا رحيما يستر الذنب وينعم على صاحبه بالكرامة، أما في الإثابة لكل فالرحمة عامة، وأما في تعذيب المنافق فيخص الصادقين، لأن عذاب أعدائهم من أعظم نعيمهم، وفي حكمه بالعدل عموم الرحمة أيضا، فهو لا يعذب أحدا فوق ما يستحق.
وَلَمَّا كَانَ كَأَنَّهُ قِيلَ: قَدْ فُهِمْ مِنْ سِيَاقِ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ الْقَصْدَ الْإِقْبَالُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَقَطْعُ جَمِيعِ الْعَلَائِقِ مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَهُوَ يَكْفِي مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ كُلَّ مُهِمٍّ وَإِنْ كَانَ فِي غَايَةِ الْعَجْزِ عَنْهُ، تَارَةً بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَتَارَةً بِغَيْرِهِ فَمَا لَهُ لَمْ يَحْكُمْ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى كَلِمَةِ السَّلَامِ، لِتَحْصُل الرَّاحَةُ مِنْ هَذَا الْعَنَاءِ كُلِّهِ، فَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لِتَظْهَرَ صِفَةُ الْعِزِّ وَالْعَظَمَةِ وَالْعَدْلِ وَغَيْرِهَا ظُهُورًا تَامًّا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حُكْمٍ يَنْكَشِفُ عَنْهَا الْحِجَابُ، وَتَرْفَعُ لِتَجَلِّيهَا غَايَةَ التَّجَلِّي سُتُورَ الْأَسْبَابِ، فَقَالَ تَعَالَى مُعَلَّقًا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ nindex.php?page=treesubj&link=19474_28723_29694_30526_30538_30564_32491_34092_29004nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24لِيَجْزِيَ اللَّهُ أَيِ الَّذِي يُرِيدُ إِظْهَارَ جَمِيعَ صِفَاتِهِ يَوْمَ الْبَعْثِ لِلْخَاصِّ وَالْعَامِّ ظُهُورًا تَامًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24الصَّادِقِينَ فِي ادِّعَاءٍ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24بِصِدْقِهِمْ فَيُعْلِي أَمْرَهُمْ فِي
[ ص: 331 ] الدُّنْيَا وَيُنَعِّمُهُمْ فِي الْأُخْرَى، فَالصِّدْقُ سَبَبٌ وَإِنْ كَانَ فَضْلًا مِنْهُ لِأَنَّهُ الْمُوَفَّقُ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّارَيْنِ بِكَذِبِهِمْ فِي دَعْوَاهُمُ الْإِيمَانَ الْمُقْتَضِي [لِبَيْعِ] النَّفْسِ وَالْمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24إِنْ شَاءَ يُعَذِّبُهُمْ عَلَى النِّفَاقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَيْ بِمَا يَرَوْنَ مِنْ صِدْقِهِ سُبْحَانَهُ فِي إِعْزَازِ أَوْلِيَائِهِ وَإِذْلَالِ أَعْدَائِهِ بِقُدْرَتِهِ التَّامَّةِ حَيْثُ كَانُوا قَاطِعِينَ بِخِلَافِ ذَلِكَ.
وَلَمَّا كَانَتْ تَوْبَةُ الْمُنَافِقِينَ مُسْتَبْعَدَةً لِمَا يَرَوْنَ مِنْ صَلَابَتِهِمْ فِي الْخِدَاعِ وَخُبْثِ سَرَائِرِهِمْ، قَالَ مُعَلِّلًا ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24إِنَّ اللَّهَ أَيْ بِمَا لَهُ مِنَ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24كَانَ أَزَلًا وَأَبَدًا
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=24غَفُورًا رَحِيمًا يَسْتُرُ الذَّنْبَ وَيُنْعِمُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْكَرَامَةِ، أَمَّا فِي الْإِثَابَةِ لِكُلٍّ فَالرَّحْمَةُ عَامَّةٌ، وَأَمَّا فِي تَعْذِيبِ الْمُنَافِقِ فَيَخُصُّ الصَّادِقِينَ، لِأَنَّ عَذَابَ أَعْدَائِهِمْ مِنْ أَعْظَمِ نَعِيمِهِمْ، وَفِي حُكْمِهِ بِالْعَدْلِ عُمُومُ الرَّحْمَةِ أَيْضًا، فَهُوَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّ.