وقالوا لما لم ينفعهم شيء متبردين من الدعاء على من أضلهم بما لا يبرئ عليلا ولا يشفي غليلا: ربنا أي أيها المحسن إلينا، وأسقطوا أداة النداء على عادة أهل الخصوص بالحضرة زيادة في الترقق بإظهار أنه لا واسطة لهم [ ص: 419 ] إلا ذلهم وانكسارهم الذي عهد في الدنيا أنه الموجب الأعظم لإقبال الله على عبده كما أن المثبت لأداة البعد بقوله: "يا الله" مشير إلى سفول منزلته وبعده بكثرة ذنوبه وغفلته تواضعا منه لربه لعله يرفع ذلك البعد عنه.
ولما كانوا يظنون [أن] اتباعهم للكبراء غير ضلال، فبان لهم خلاف ذلك، أكدوا قولهم لذلك وللإعلام بأنهم بذلوا ما كان عندهم من الجهل فصاروا الآن على بصيرة من أمرهم: إنا أطعنا سادتنا وقرئ بالجمع بالألف والتاء جمعا سالما للجمع المكسر وكبراءنا فأضلونا أي فتسبب عن ذلك، أنهم أضلونا بما كان لهم من نفوذ الكلمة السبيلا كما هي عادة المخطئ في الإجالة على غيره بما لا ينفعه، وقراءة من أثبت الألف مشيرة إلى أنه سبيل واسع جدا واضح، وأنه مما يتلذذ ويجب تفخيمه.