ولما قدم أن لأهل الطاعة فاكهة وشرابا؛ وكان ما وصف به مأوى العصاة لا يكون إلا عذابا؛ وكان مفهما - لا محالة - أن قال: الحرارة تسيل من أهل النار عصارة من صديد وغيره؛ هذا ؛ أي: العذاب للطاغين؛ فليذوقوه ؛ ثم فسره بقوله: حميم ؛ أي: ماء حار؛ وأشار بالعطف بالواو إلى تمكنه في كل من الوصفين؛ فقال: وغساق [ ص: 406 ] أي: سيل منتن عظيم جدا؛ بارد؛ أسود؛ مظلم؛ شديد في جميع هذه الصفات؛ من صديد ونحوه؛ وهو في قراءة الجماعة - بالتخفيف - اسم؛ كـ "العذاب"؛ و"النكال"؛ من "غسقت عينه"؛ أي: سالت؛ و"غسق الشيء"؛ أي: امتلأ؛ ومنه "الغاسق"؛ للقمر؛ لامتلائه؛ وكماله؛ وفي قراءة ؛ حمزة ؛ والكسائي وحفص - بالتشديد - صفة؛ كـ "الخباز"؛ و"الضراب"؛ تشير إلى شدة أمره في جميع ما استعمل فيه من السيلان؛ والبرد؛ والسواد.