ولما بين أن
nindex.php?page=treesubj&link=32023الدعوة إلى الله أعظم المناصب، وأشرف المراتب، وبين أنها إنما تحصل ببيان دلائل التوحيد التي من أعظمها البعث، وبينه إلى أن كان بهذا الحد من الوضوح، كان مجز التهديد من أعرض عن قبوله: فقال في عبارة عامة له ولغيره، مؤكدا تنبيها على أن فعلهم فعل من يظن أنه سبحانه لا يطلع على أعماله:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29786_30437_30532_30539_30549_30550_29012nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40إن الذين يلحدون أي يميلون بصرف المعاني عن القصد وسنن العدل بنحو قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى أو يماحلون باللغو بالمكاء والتصدية وغير ذلك من أنواع اللغط وكل ما يشمله معنى الميل عما تصح إرادته.
ولما كان الاجتراء على الإلحاد قادحا في الاعتراف بالعظمة، أعاد مظهرها فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40في آياتنا على ما لها من العظمة الدالة على ما لنا
[ ص: 199 ] من الوحدانية وشمول العلم وتمام القدرة: ولما كان العلم بالإساءة مع القدرة سببا للأخذ، قال مقررا للعلم بعد تقرير القدرة:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40لا يخفون علينا أي في وقت من الأوقات ولا وجه من الوجوه، ونحن قادرون على أخذهم، فمتى شئنا أخذنا، ولا يعجل إلا ناقص يخشى الفوت.
ولما كان الإلحاد سببا لإلقاء صاحبه في النار، وكان التقدير: ونحن نحلم عن العصاة فمن رجع إلينا أمن كل مخوف، ومن أعرض إلى الممات ألقيناه في النار، سبب عنه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40أفمن يلقى في النار أي على وجهه بأيسر أمر بسبب إلحاده في الآيات وإعراضه عن الدلالات الواضحات، فيكون خائفا يوم القيامة لما يرى من مقدمات ذلك حتى يدهمه ما خاف منه
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40خير أم من يأتي إلينا
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40آمنا يوم القيامة حين نجمع عبادنا للعرض علينا للحكم بينهم بالعدل فيدخل الجنة دار السلام فيدوم أمنه، والآية من الاحتباك: ذكر الإلقاء في النار أولا دليلا على دخول الجنة ثانيا، والأمن ثانيا دليلا على الخوف أولا، وسره أنه ذكر المقصود بالذات، وهو ما وقع الخوف لأجله أولا، والأمن الذي هو العيش في الحقيقة ثانيا.
[ ص: 200 ] ولما كان هذا رادا ولا بد للعاقل عن سوء أعماله إلى الإحسان رجاء إنعام الله وإفضاله، أنتج قوله مهددا ومخوفا ومتوعدا صارفا القول عن الغيبة إلى الخطاب لأنه أدل على الغضب على التمادي بعد هذا البيان:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40اعملوا ما شئتم أي فقد علمتم مصير المسيء والمحسن، فمن أراد شيئا من الجزاءين فليعمل أعماله، فإنه ملاقيه. ولما كان العامل لا يطمع في الإهمال إلى على تقدير خفاء الأعمال، والمعمول له لا يترك الجزاء إلا لجهل أو عجز، بين أنه سبحانه محيط العلم عالم بمثاقيل الذر فقال مرغبا مرهبا مؤكدا لأنهم يعملون عمل من يظن أن أعماله تخفى، عادلا عن مظهر العظمة إلى ما هو أدل شيء على الفردانية، لئلا يظن أن مزيد العلم بواسطة كثيرة:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40إنه وقدم أعمالهم تنبيها على الاهتمام بشأنها جدا فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40بما تعملون أي في كل وقت
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40بصير بصرا وعلما، فهو على كل شيء منكم قدير.
وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32023الدَّعْوَةَ إِلَى اللهِ أَعْظَمَ الْمَنَاصِبِ، وَأَشْرَفَ الْمَرَاتِبِ، وَبَيَّنَ أَنَّهَا إِنَّمَا تَحْصُلُ بِبَيَانِ دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ الَّتِي مِنَ أَعْظَمِهَا الْبَعْثُ، وَبَيَّنَهُ إِلَى أَنْ كَانَ بِهَذَا الْحَدِّ مِنَ الْوُضُوحِ، كَانَ مُجْزِ التَّهْدِيدَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ قَبُولِهِ: فَقَالَ فِي عِبَارَةٍ عَامَّةٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، مُؤَكِّدًا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ فِعْلَهُمْ فِعْلُ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَى أَعْمَالِهِ:
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29786_30437_30532_30539_30549_30550_29012nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ أَيْ يَمِيلُونَ بِصَرْفِ الْمَعَانِي عَنِ الْقَصْدِ وَسُنَنِ الْعَدْلِ بِنَحْوِ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى أَوْ يُمَاحِلُونَ بِاللَّغْوِ بِالْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ اللَّغَطِ وَكُلِّ مَا يَشْمَلُهُ مَعْنَى الْمَيْلِ عَمَّا تَصِحُّ إِرَادَتُهُ.
وَلَمَّا كَانَ الِاجْتِرَاءُ عَلَى الْإِلْحَادِ قَادِحًا فِي الِاعْتِرَافِ بِالْعَظَمَةِ، أَعَادَ مَظْهَرَهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40فِي آيَاتِنَا عَلَى مَا لَهَا مِنَ الْعَظَمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا لَنَا
[ ص: 199 ] مِنَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَشُمُولِ الْعِلْمِ وَتَمَامِ الْقُدْرَةِ: وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ بِالْإِسَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ سَبَبًا لِلْأَخْذِ، قَالَ مُقَرِّرًا لِلْعِلْمِ بَعْدَ تَقْرِيرِ الْقُدْرَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَيْ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ وَلَا وَجْهَ مِنَ الْوُجُوهِ، وَنَحْنُ قَادِرُونَ عَلَى أَخْذِهِمْ، فَمَتَى شِئْنَا أَخَذْنَا، وَلَا يُعَجِّلُ إِلَّا نَاقِصٌ يَخْشَى الْفَوْتَ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِلْحَادُ سَبَبًا لِإِلْقَاءِ صَاحِبِهِ فِي النَّارِ، وَكَانَ التَّقْدِيرُ: وَنَحْنُ نَحْلُمُ عَنِ الْعُصَاةِ فَمَنْ رَجَعَ إِلَيْنَا أَمِنَ كُلَّ مُخَوِّفٍ، وَمَنْ أَعْرَضَ إِلَى الْمَمَاتِ أَلْقَيْنَاهُ فِي النَّارِ، سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَيْ عَلَى وَجْهِهِ بِأَيْسَرِ أَمْرٍ بِسَبَبِ إِلْحَادِهِ فِي الْآيَاتِ وَإِعْرَاضِهِ عَنِ الدَّلَالَاتِ الْوَاضِحَاتِ، فَيَكُونُ خَائِفًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَا يُرَى مِنْ مُقَدِّمَاتِ ذَلِكَ حَتَّى يَدْهَمَهُ مَا خَافَ مِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي إِلَيْنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ نَجْمَعُ عِبَادَنَا لِلْعَرْضِ عَلَيْنَا لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَارَ السَّلَامِ فَيَدُومُ أَمْنُهُ، وَالْآيَةُ مِنَ الِاحْتِبَاكِ: ذَكَرَ الْإِلْقَاءَ فِي النَّارِ أَوَّلًا دَلِيلًا عَلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ ثَانِيًا، وَالْأَمْنُ ثَانِيًا دَلِيلًا عَلَى الْخَوْفِ أَوَّلًا، وَسِرُّهُ أَنَّهُ ذَكَرَ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ، وَهُوَ مَا وَقَعَ الْخَوْفُ لِأَجْلِهِ أَوَّلًا، وَالْأَمْنُ الَّذِي هُوَ الْعَيْشُ فِي الْحَقِيقَةِ ثَانِيًا.
[ ص: 200 ] وَلَمَّا كَانَ هَذَا رَادًّا وَلَا بُدَّ لِلْعَاقِلِ عَنْ سُوءِ أَعْمَالِهِ إِلَى الْإِحْسَانِ رَجَاءَ إِنْعَامِ اللهِ وَإِفْضَالِهِ، أَنْتَجَ قَوْلَهُ مُهَدِّدًا وَمُخَوِّفًا وَمُتَوَعِّدًا صَارِفًا الْقَوْلَ عَنِ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى الْغَضَبِ عَلَى التَّمَادِي بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ أَيْ فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَصِيرَ الْمُسِيءِ وَالْمُحْسِنِ، فَمَنْ أَرَادَ شَيْئًا مِنَ الْجَزَاءَيْنِ فَلْيَعْمَلْ أَعْمَالَهُ، فَإِنَّهُ مُلَاقِيهِ. وَلَمَّا كَانَ الْعَامِلُ لَا يَطْمَعُ فِي الْإِهْمَالِ إِلَى عَلَى تَقْدِيرِ خَفَاءِ الْأَعْمَالِ، وَالْمَعْمُولِ لَهُ لَا يَتْرُكُ الْجَزَاءَ إِلَّا لِجَهْلٍ أَوْ عَجْزٍ، بَيَّنَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُحِيطُ الْعِلْمِ عَالِمٌ بِمَثَاقِيلِ الذَّرِّ فَقَالَ مُرَغِّبًا مُرَهِّبًا مُؤَكِّدًا لِأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ عَمَلَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ أَعْمَالَهُ تَخْفَى، عَادِلًا عَنْ مَظْهَرِ الْعَظَمَةِ إِلَى مَا هُوَ أَدَلُّ شَيْءٍ عَلَى الْفَرْدَانِيَّةِ، لِئَلَّا يَظُنُّ أَنَّ مَزِيدَ الْعِلْمِ بِوَاسِطَةٍ كَثِيرَةٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40إِنَّهُ وَقَدَّمَ أَعْمَالَهُمْ تَنْبِيهًا عَلَى الِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهَا جِدًّا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40بِمَا تَعْمَلُونَ أَيْ فِي كُلِّ وَقْتٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40بَصِيرٌ بَصَرًا وَعِلْمًا، فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْكُمْ قَدِيرٌ.