ولما أخبر بالجزاء، بين كيفية ما به يطبق بين كتاب الإنزال وكتاب الأعمال، فما حكم به كتاب الإنزال أنفذه الكبير المتعال، فقال مشيرا إلى كتاب الإنزال بأداة القريب لقربه وسهولة فهمه:
nindex.php?page=treesubj&link=30356_30497_29016nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هذا كتابنا [أي] الذي أنزلناه على ألسنة رسلنا
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29ينطق أي: يشهد شهادة [هي] في بيانها كالنطق
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29عليكم بالحق أي: الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع من أعمالكم، ذلك بأن يقول: من عمل كذا فهو كافر، ومن عمل كذا فهو عاص، ومن عمل كذا فهو مطيع، فيطبق ذلك على ما عملتموه فإذا الذي أخبر به الكتاب مطابق لأعمالكم لا زيادة فيه ولا نقص، كل كلي ينطبق على جزئيه سواء بسواء كما نعطيكم علم ذلك في ذلك اليوم، فينكشف أمر جبلاتكم وما وقع منكم من جزئيات الأفعال لا يشذ عنه منه ذرة، وتعلمون أن هذا الواقع منكم مطابق
[ ص: 106 ] لما أخبر به الكتاب الذي أنزلناه، فهو حق لأن الواقع طابقه، هذا نطقه عليكم، وأما نطقه لكم فالفضل: الحسنة بعشر أمثالها إلى ما فوق ذلك.
ولما كانت العادة جارية في الدنيا بإقامة الحقوق بكتابة الوثائق، وكانوا كأنهم يقولون: من يحفظ أعمالنا على كثرتها مع طول المدة وبعد الزمان، وكانوا ينكرون أمر الحفظة وغيره مما أتت به الرسل، أكد قوله مجيبا بما يقرب إلى عقل من يسأل عن ذلك:
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29إنا على ما لنا من القدرة والعظمة الغنية عن الكتابة
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29كنا على الدوام
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29نستنسخ أي: نأمر ملائكتنا بنسخ أي نقل
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29ما كنتم طبعا لكم وخلقا
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29تعملون قولا وفعلا ونية، فإن كان المراد بالنسخ مطلق النقل فهو واضح، وإن كان النقل من أصل فهو إشارة إلى لوح الجبلات المشار إليه بكنتم أو من اللوح المحفوظ ليطابق به ما يفعله العامل، ومن المشهور بين الناس أن كل أحد يسطر في جبينه ما يلقاه من خير أو شر.
وَلَمَّا أَخْبَرَ بِالْجَزَاءِ، بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ مَا بِهِ يُطَبَّقُ بَيْنَ كِتَابِ الْإِنْزَالِ وَكِتَابِ الْأَعْمَالِ، فَمَا حَكَمَ بِهِ كِتَابُ الْإِنْزَالِ أَنْفَذَهُ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالُ، فَقَالَ مُشِيرًا إِلَى كِتَابِ الْإِنْزَالِ بِأَدَاةِ الْقَرِيبِ لِقُرْبِهِ وَسُهُولَةِ فَهْمِهِ:
nindex.php?page=treesubj&link=30356_30497_29016nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هَذَا كِتَابُنَا [أَيِ] الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29يَنْطِقُ أَيْ: يَشْهَدُ شَهَادَةً [هِيَ] فِي بَيَانِهَا كَالنُّطْقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ أَيِ: الْأَمْرِ الثَّابِتِ الَّذِي يُطَابِقُهُ الْوَاقِعُ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ: مَنْ عَمِلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ عَمِلَ كَذَا فَهُوَ عَاصٍ، وَمَنْ عَمِلَ كَذَا فَهُوَ مُطِيعٌ، فَيُطْبِقُ ذَلِكَ عَلَى مَا عَمِلْتُمُوهُ فَإِذَا الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ الْكِتَابُ مُطَابِقٌ لِأَعْمَالِكُمْ لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نَقْصَ، كُلُّ كُلِّيٍّ يَنْطَبِقُ عَلَى جُزْئِيِّهِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ كَمَا نُعْطِيكُمْ عِلْمَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَيَنْكَشِفُ أَمْرُ جِبِلَّاتِكُمْ وَمَا وَقَعَ مِنْكُمْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْأَفْعَالِ لَا يَشِذُّ عَنْهُ مِنْهُ ذَرَّةٌ، وَتَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا الْوَاقِعَ مِنْكُمْ مُطَابِقٌ
[ ص: 106 ] لِمَا أَخْبَرَ بِهِ الْكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ، فَهُوَ حَقٌّ لِأَنَّ الْوَاقِعَ طَابَقَهُ، هَذَا نُطْقُهُ عَلَيْكُمْ، وَأَمَّا نُطْقُهُ لَكُمْ فَالْفَضْلُ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ.
وَلَمَّا كَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةً فِي الدُّنْيَا بِإِقَامَةِ الْحُقُوقِ بِكِتَابَةِ الْوَثَائِقِ، وَكَانُوا كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَنْ يَحْفَظُ أَعْمَالَنَا عَلَى كَثْرَتِهَا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ وَبُعْدِ الزَّمَانِ، وَكَانُوا يُنْكِرُونَ أَمْرَ الْحَفَظَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا أَتَتْ بِهِ الرُّسُلُ، أَكَّدَ قَوْلَهُ مُجِيبًا بِمَا يُقَرِّبُ إِلَى عَقْلِ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29إِنَّا عَلَى مَا لَنَا مِنَ الْقُدْرَةِ وَالْعَظَمَةِ الْغَنِيَّةِ عَنِ الْكِتَابَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29كُنَّا عَلَى الدَّوَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29نَسْتَنْسِخُ أَيْ: نَأْمُرُ مَلَائِكَتَنَا بِنَسْخِ أَيِّ نَقْلٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29مَا كُنْتُمْ طَبْعًا لَكُمْ وَخُلُقًا
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29تَعْمَلُونَ قَوْلًا وَفِعْلًا وَنِيَّةً، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّسْخِ مُطْلَقَ النَّقْلِ فَهُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ النَّقْلُ مِنْ أَصْلٍ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى لَوْحِ الْجِبِلَّاتِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِكُنْتُمْ أَوْ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِيُطَابِقَ بِهِ مَا يَفْعَلُهُ الْعَامِلُ، وَمِنَ الْمَشْهُورِ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يُسَطَّرُ فِي جَبِينِهِ مَا يَلْقَاهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.