ولما أفاد ذلك غناه الغنى المطلق وسيادته وأنه لا كفوء له، عطف عليه بعض اللوازم لذلك تنبيها على مزيد الاعتناء به لدفع ما يتوهمونه من ادعاء الشركة التي [لا] يرضونها لأنفسهم فقال: وله أي: وحده الكبرياء أي: الكبر الأعظم الذي لا نهاية له: في السماوات كلها والأرض جميعها اللتين فيهما آيات للمؤمنين، روى مسلم وأبو داود عن وابن ماجه أبي هريرة [ ص: 117 ] عن ومسلم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: أبي سعيد الخدري وفي رواية: عذبته، وفي رواية: قصمته. «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما أدخلته النار».
وهو وحده العزيز الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء الحكيم الذي يضع الأشياء في أتقن مواضعها ولا يضع شيئا إلا كذلك كما أحكم أمره ونهيه وجميع شرعه، وأحكم نظم هذا القرآن جملا وآيات، وفواصل وغايات، وبعد أن حرر معانيه وتنزيله جوابا لما كانوا يعتنون به، فصار معجزا في نظمه ومعناه وإنزاله طبق أجوبة الوقائع على ما اقتضاه الحال، فانطبق آخرها على أولها بالصفتين المذكورتين، وبالحث على الاعتبار بآيات الخافقين، والتصريح بما لزم ذلك من الكبرياء المقتضية لإذلال الأعداء وإعزاز الأولياء - والله الهادي إلى الصواب وإليه المرجع والمآب. والله أعلم بمراده.