ولما ختمت الطور بأمره صلى الله عليه وسلم بالتسبيح والتحميد، وكان أمره تكوينا لا تكليفا، فكان فاعلا لا محالة، وذاك بعد تقسيمهم القول في النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كاهن وساحر ومجنون، وكان
[ ص: 41 ] لذلك تعلق بالشياطين، وكانت الشياطين مباينة للقرآن بختلها وبمنعها بالرجوم من النجوم كما بين آخر الشعراء، افتتحت هذه بالحث على الاهتداء بهديه والاستدلال بدله واتباع أثره، ولما كان من ذلك تسبيحه بالحمد في إدبار النجوم أقسم أول هذه بالنجم على وجه أعم مما في آخر تلك فعبر بعبارة تفهم عروجه وصعوده لأنه لا يغيب في الأفق الغربي واحد من السيارة إلا وطلع من الأفق الشرقي في نظير له منها لما يكون عند ذلك من تلك العبارة العالية، والأذكار الزاكية، مع ما فيه من عجيب الصنع الدال على وحدانية مبدعه من زينة السماء التي فيها ما توعدون والحراسة من المردة حفظا لنجوم الكتاب والاهتداء به في الدين والدنيا، وغير ذلك من الحكم التي يعرفها الحكماء، فقال تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=33062_29024nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1والنجم أي هذا الجنس من نجوم السماء أو القرآن لنزوله منجما مفرقا وهم يسمون التفريق تنجيما - أو النبات، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي: سمي النجم نجما لطلوعه وكل طالع نجم.
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1إذا هوى أي نزل للأفول أو لرجم الشياطين عند الاستراق كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما إن كان المراد السمائي، فكانت عنده العبادة والاستغفار والدعاء للملك الجبار بالأسحار، أو صعد فكان به اهتداء المصلي والقارئ والساري، فإنه يقال: هوى هويا - بالفتح إذا سقط، وبالضم - إذا علا وصعد، أو نزل به الملك للإصعاد وللإبعاد إن كان المراد القرآني لما يحصل من البركات في الدين والدنيا والشرح
[ ص: 42 ] للصدور، والاطلاع على عجائب المقدور، أو إذا سقط منبسطا على الأرض أو ارتفع عنها إن كان المراد النبات، لما فيه من غريب الصنعة وجليل التقدير الدال على عام القدرة وكمال العلم والتوحد بالملك والغنى المطلق.
وَلَمَّا خُتِمَتِ الطُّورُ بِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ، وَكَانَ أَمْرُهُ تَكْوِينًا لَا تَكْلِيفًا، فَكَانَ فَاعِلًا لَا مَحَالَةَ، وَذَاكَ بَعْدَ تَقْسِيمِهِمُ الْقَوْلَ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ كَاهِنٌ وَسَاحِرٌ وَمَجْنُونٌ، وَكَانَ
[ ص: 41 ] لِذَلِكَ تَعَلُّقٌ بِالشَّيَاطِينِ، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ مُبَايِنَةً لِلْقُرْآنِ بِخَتْلِهَا وَبِمَنْعِهَا بِالرُّجُومِ مِنَ النُّجُومِ كَمَا بَيَّنَ آخِرُ الشُّعَرَاءِ، افْتُتِحَتْ هَذِهِ بِالْحَثِّ عَلَى الِاهْتِدَاءِ بِهَدْيِهِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِدَلِّهِ وَاتِّبَاعِ أَثَرِهِ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ ذَلِكَ تَسْبِيحُهُ بِالْحَمْدِ فِي إِدْبَارِ النُّجُومِ أَقْسَمَ أَوَّلَ هَذِهِ بِالنَّجْمِ عَلَى وَجْهٍ أَعَمَّ مِمَّا فِي آخِرِ تِلْكَ فَعَبَّرَ بِعِبَارَةٍ تُفْهِمُ عُرُوجَهُ وَصُعُودَهُ لِأَنَّهُ لَا يَغِيبُ فِي الْأُفُقِ الْغَرْبِيِّ وَاحِدٌ مِنَ السَّيَّارَةِ إِلَّا وَطَلَعَ مِنَ الْأُفُقِ الشَّرْقِيِّ فِي نَظِيرٍ لَهُ مِنْهَا لِمَا يَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ الْعِبَارَةِ الْعَالِيَةِ، وَالْأَذْكَارِ الزَّاكِيَةِ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ عَجِيبِ الصُّنْعِ الدَّالِّ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ مُبْدِعِهِ مِنْ زِينَةِ السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا مَا تُوعَدُونَ وَالْحِرَاسَةِ مِنَ الْمَرَدَةِ حِفْظًا لِنُجُومِ الْكِتَابِ وَالِاهْتِدَاءِ بِهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ الَّتِي يَعْرِفُهَا الْحُكَمَاءُ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=33062_29024nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1وَالنَّجْمِ أَيْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ أَوِ الْقُرْآنِ لِنُزُولِهِ مُنَجَّمًا مُفَرَّقًا وَهُمْ يُسَمُّونَ التَّفْرِيقَ تَنْجِيمًا - أَوِ النَّبَاتِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغْوِيُّ: سُمِّيَ النَّجْمُ نَجْمًا لِطُلُوعِهِ وَكُلُّ طَالِعٍ نَجْمٌ.
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1إِذَا هَوَى أَيْ نَزَلَ لِلْأُفُولِ أَوْ لِرَجْمِ الشَّيَاطِينِ عِنْدَ الِاسْتِرَاقِ كَمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنْ كَانَ الْمُرَادُ السَّمَائِيَّ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ الْعِبَادَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالدُّعَاءُ لِلْمَلِكِ الْجَبَّارِ بِالْأَسْحَارِ، أَوْ صَعِدَ فَكَانَ بِهِ اهْتِدَاءُ الْمُصَلِّي وَالْقَارِئِ وَالسَّارِي، فَإِنَّهُ يُقَالُ: هَوَى هَوِيًّا - بِالْفَتْحِ إِذَا سَقَطَ، وَبِالضَّمِّ - إِذَا عَلَا وَصَعِدَ، أَوْ نَزَلَ بِهِ الْمَلَكُ لِلْإِصْعَادِ وَلِلْإِبْعَادِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْقُرْآنِيَّ لِمَا يَحْصُلُ مِنَ الْبَرَكَاتِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالشَّرْحِ
[ ص: 42 ] لِلصُّدُورِ، وَالِاطِّلَاعِ عَلَى عَجَائِبِ الْمَقْدُورِ، أَوْ إِذَا سَقَطَ مُنْبَسِطًا عَلَى الْأَرْضِ أَوِ ارْتَفَعَ عَنْهَا إِنْ كَانَ الْمُرَادُ النَّبَاتَ، لِمَا فِيهِ مِنْ غَرِيبِ الصَّنْعَةِ وَجَلِيلِ التَّقْدِيرِ الدَّالِّ عَلَى عَامِّ الْقُدْرَةِ وَكَمَالِ الْعِلْمِ وَالتَّوَحُّدِ بِالْمُلْكِ وَالْغِنَى الْمُطْلَقِ.