ولما كان الكذب في قولهم هذا كونه إخبارا بما [لا] يكون، شرحه بقوله مؤكدا بأعظم من تأكيدهم: لئن أخرجوا أي بنو النضير من أي مخرج كان لا يخرجون أي المنافقون معهم أي حمية [لهم] لأسباب يعلمها الله ولئن قوتلوا أي اليهود من أي مقاتل كان فكيف بأشجع الخلق وأعلمهم صلى الله عليه وسلم لا ينصرونهم أي المنافقون ولقد صدق الله وكذبوا في الأمرين معا: القتال والإخراج، لا نصروهم ولا خرجوا معهم، فكان ذلك من أعلام النبوة، وعلم به من كان شاكا فضلا عن الموقنين، صدق [ ص: 449 ] الكلام على ما لم يكن ولا ليكون لو كان كيف كان يكون بصدق الكلام على ما لم يكن ويكون كيف يكون إذا كان في قوله تعالى: ولئن نصروهم أي المنافقون في وقت من الأوقات ليولن أي المنافقون ومن ينصرونه، وحقرهم بقوله: الأدبار ولما كان من عادة العرب الكر بعد الفر، بين أنهم لا كرة لهم بعد هذه الفرة وإن طال المدى فقال: ثم لا ينصرون أي لا يتجدد لفريقيهم ولا لواحد منهما نصرة في وقت من الأوقات، وقد صدق سبحانه: لم يزل المنافقون واليهود في الذل ولا يزالون.