لما أثبت في سورة البلد أن ، وختمها بأن من حاد عن سبيله [كان] في أنكد النكد، وهو النار المؤصدة، أقسم أول هذه على أن الفاعل لذلك أولا وآخرا هو الله سبحانه [لأنه] يحول بين المرء وقلبه وبين القلب ولبه، فقال مقسما بما يدل على تمام علمه [ ص: 70 ] وشمول قدرته في الآفاق علويها وسفليها، والأنفس سعيدها وشقيها، وبدأ بالعالم العلوي، فأفاد ذلك قطعا العلم بأنه الفاعل المختار، وعلى العلم بوجوب ذاته وكمال صفاته، وذلك أقصى درجات القوى النظرية، تذكيرا بعظائم آلائه، ليحمل على الاستغراق في شكر نعمائه، الذي هو منتهى [كمالات] القوى العملية، مع أن أول المقسم به مذكر بما ختم به آخر تلك من النار: الإنسان في كبد والشمس أي الجامعة بين النفع والضر بالنور والحر، كما أن العقول كذلك لا أنور منها إذا نارت، ولا أظلم منها إذا بارت وضحاها أي [و] ضوئها الناشئ عن جرمها العظيم الشأن البديع التكوين المذكر بالنيران إذا أشرقت وقام سلطانها كإشراق أنوار العقول، والضحى - بالضم والقصر: صدر النهار حين ارتفاعه، وبالفتح والمد: شدة الحر [بعد امتداد النهار، وشيء ضاح - إذا ظهر للشمس والحر].