ولما ذكر الآيتين ومحل أثرهما، ذكر محل الكل فقال تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28659_31756_32433_33062_29062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5والسماء أي التي هي محل ذلك كله ومجلاه كما أن الأبدان محل النفوس، والنفوس مركب العقول، ولما رقى الأفكار من أعظم المحسوسات المماسة إلى ما هو دونه في الحس وفوقه في الاحتياج إلى إعمال فكر، رقي إلى الباطن الأعلى المقصود بالذات وهو المبدع لذلك كله معبرا عنه بأداة ما لا يعقل، مع الدلالة بنفس الإقسام، على أن له العلم التام، والإحاطة الكبرى بالحكمة البالغة، تنبيها [على] أنهم وصفوه بالإشراك
[ ص: 73 ] وإنكار الحشر بتلك المنزلة السفلى والمساواة بالجمادات التي عبدوها مع ما له من صفات الكمال التي ليس لغيره ما يداني شيئا منها، زجرا لهم بالإشارة والإيماء عن ذلك ومشيرا إلى شدة التعجيب منهم لكونها أداة التعجب فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وما بناها أي هذا البناء المحكم الذي ركب فيه ما ذكره إشارة إلى ما وراءه مما يعجز الوصف.
وَلَمَّا ذَكَرَ الْآيَتَيْنِ وَمَحَلَّ أَثَرِهِمَا، ذَكَرَ مَحَلَّ الْكُلِّ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28659_31756_32433_33062_29062nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وَالسَّمَاءِ أَيِ الَّتِي هِيَ مَحَلٌّ ذَلِكَ كُلِّهِ وَمَجْلَاهُ كَمَا أَنَّ الْأَبْدَانَ مَحَلُّ النُّفُوسِ، وَالنُّفُوسُ مُرَكَّبُ الْعُقُولِ، وَلَمَّا رَقَّى الْأَفْكَارَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَحْسُوسَاتِ الْمُمَاسَّةِ إِلَى مَا هُوَ دُونَهُ فِي الْحِسِّ وَفَوْقَهُ فِي الِاحْتِيَاجِ إِلَى إِعْمَالِ فِكْرٍ، رُقِيَ إِلَى الْبَاطِنِ الْأَعْلَى الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ وَهُوَ الْمُبْدِعُ لِذَلِكَ كُلِّهِ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِأَدَاةِ مَا لَا يَعْقِلُ، مَعَ الدَّلَالَةِ بِنَفْسِ الْإِقْسَامِ، عَلَى أَنَّ لَهُ الْعِلْمَ التَّامَّ، وَالْإِحَاطَةَ الْكُبْرَى بِالْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ، تَنْبِيهًا [عَلَى] أَنَّهُمْ وَصَفُوهُ بِالْإِشْرَاكِ
[ ص: 73 ] وَإِنْكَارِ الْحَشْرِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ السُّفْلَى وَالْمُسَاوَاةِ بِالْجَمَادَاتِ الَّتِي عَبَدُوهَا مَعَ مَا لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي لَيْسَ لِغَيْرِهِ مَا يُدَانِي شَيْئًا مِنْهَا، زَجْرًا لَهُمْ بِالْإِشَارَةِ وَالْإِيمَاءِ عَنْ ذَلِكَ وَمُشِيرًا إِلَى شِدَّةِ التَّعْجِيبِ مِنْهُمْ لِكَوْنِهَا أَدَاةَ التَّعَجُّبِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=5وَمَا بَنَاهَا أَيْ هَذَا الْبِنَاءُ الْمُحْكَمُ الَّذِي رَكَّبَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ إِشَارَةً إِلَى مَا وَرَاءَهُ مِمَّا يُعْجِزُ الْوَصْفَ.