ولما كان يلزم من اليتم في الغالب عدم العلم لليتيم لتهاون الكافل، ومن عدم العلم الضلال، قال مبينا أن يتمه وإهماله من الحمل على دينهم كان نعمة عظيمة عليه لأنه لم يكن على دين قومه في حين من الأحيان أصلا: ووجدك أي صادفك ضالا أي لا تعلم الشرائع ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان فأطلق اللازم وهو الضلال على الملزوم، والمسبب على السبب، وهو عدم العلم، فكنت لأجل ذلك [لا تقدم] على فعل من الأفعال لأنك لا تعلم الحكم فيه إلا ما علمت بالعقل الصحيح والفطرة السليمة المستقيمة من التوحيد وبعض توابعه، وهذا هو التقوى كما تقدم في الفاتحة، ولم يرد به حقيقته وإنما أعراه من التعلق بشيء من الشرائع ونحوها بإعدام من يحمله على ذلك ليفرغه [ ص: 110 ] ذلك التأمل بنفسه فيوصله بعقله السديد إلى الاعتقاد الحق في الأصول [والوقوف في] الفروع فهدى أي فهداك هدى محيطا بكل علم، فعلمك بالوحي والإلهام والتوفيق للنظر ما لم تكن تعلم.