ولما كان من المعلوم أن من صار في القبضة على هذه الهيئة المهينة المزرية فهو هالك، اغتنى به عن أن يقول: ولنسحبنه بها على وجهه إلى النار، ووصفها بما يدل على ذلك فقال مبدلا لأن البدل وصف بما قربه من المعرفة: ناصية أي عظيمة القبح كاذبة أي متعمدة للكذب خاطئة فهي صادر عنها الذنب من الكذب وغيره من غير تعمد، فأغلب أحوالها على [غير] صواب تارة عن عمد وتارة عن غير عمد، وما ذاك إلا لسوء جبلة صاحبها حتى كاد لا يصدر عنه فعل سديد، ووصفها بما هو لصاحبها على الإسناد المجازي مبالغة في تكذيبه في أنه لا يقدر على منع المهتدي أو إذلاله أو شيء من أذاه إلا إن أذن له صاحب الأمر كله فيما يكون سببا لزيادة رفعته، وفي العدول عن الحقيقة، كأن يقال: ناصية كاذب خاطئ، بالإضافة إلى هذا المجاز، [ ص: 171 ] من الجزالة والفخامة والجلالة ما لا يخفى.