ولما كان السياق للمآكل من الحرث والأنعام من حلال وحرام ، وفرغ من تقرير أمر الحرث الذي قدم في الجملة الأولى لأنه مادة الحيوان - قال : ومن أي : وأنشأ من الأنعام حمولة أي : ما يحمل الأثقال وفرشا أي : وما يفرش للذبح أو للتوليد ، ويعمل من وبره وشعره فرش. ولما استوفى القسمين أمر بالأكل من ذلك كله على وجه يشمل غيره مخالفة للكفار ، فقال : كلوا مما رزقكم الله أي : لأنه الملك الأعظم الذي لا يسوغ رد عطيته ولا تتبعوا [ولعله شدد إشارة إلى العفو عن صغيرة إذا ذكر الإنسان فيها رجع ولم يعتد في هواه] خطوات الشيطان أي : طريقه في التحليل والتحريم كما قال في البقرة كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان وعبر بذلك لأنه - مع كونه من مادة الخطيئة دال على أن شرائعه شريعة الاندراس ، لولا مزيد الاعتناء من الفسقة بالتتبع في كل خطوة حال تأثيرها لبادر إليها المحو لبطلانها في نفسها ، فلا أمر من الله يحييها ولا كتاب يبقيها ، وإنما أسقط هنا " حلالا طيبا " لبيانه سابقا في قوله فكلوا [ ص: 294 ] مما ذكر اسم الله عليه ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ولاحقا في قوله : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ثم علل نهيه عن اتباعه فقال : إنه لكم عدو أي : فهو لذلك لا يأمركم بخير مبين أي : ظاهر العداوة لأن أمره مع أبيكم شهير .