ولما كان تعليلهم بأمر الله مقتضيا لأنه إذا أمر بشيء أتبع أمره أن يبلغهم أمره الذي جاء به دليل العقل مؤيدا بجازم النقل فقال : قل أي : لهؤلاء الذين نابذوا الشرع والعرف أمر ربي المحسن إلي بالتكليف بمحاسن الأعمال ، التي تدعو إليها الهمم العوال بالقسط وهو الأمر الوسط بين ما فحش في الإفراط صاعدا عن الحد ، وفي التفريط [هابطا منه. ولما كان التقدير : فأقسطوا اتباعا لما أمر به ، أو كان القسط] مصدرا ينحل إلى : أن أقسطوا ، عطف عليه وأقيموا وجوهكم مخلصين غير مرتكبين لشيء من الجور عند كل مسجد أي : مكان ووقت وحال يصلح السجود فيه ، ولا يتقيدن أحد بمكان ولا زمان بأن يقول - وقد أدركته الصلاة - : أذهب فأصلي في مسجدي وادعوه عند ذلك كله دعاء عبادة مخلصين له الدين أي : لا تشركوا به شيئا .
ولما كان المعنى : فإن من لم يفعل ذلك عذبه بعد إعادته له بعد الموت ، ترجمه مستدلا عليه بقوله معللا : كما بدأكم أي : في النشأة الأولى فأنتم تبتدئون نعيدكم بعد الموت فأنتم تعودون حال كونكم فريقين :