[ ص: 325 ] إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم - قوله تعالى: إذ تستغيثون ربكم سبب نزولها ما روى رضي الله عنه قال: عمر بن الخطاب بدر نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ، ونظر إلى المشركين وهم ألف وزيادة ، فاستقبل القبلة ، ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره ، ثم قال: "اللهم أنجز ما وعدتني ، اللهم أنجز ما وعدتني ، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض أبدا" فما زال يستغيث ربه ويدعوه ، حتى سقط رداؤه ، فأتاه فأخذ رداءه فرداه به ، ثم التزمه من ورائه ، وقال يا نبي الله كذاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك; وأنزل الله تعالى هذه الآية . أبو بكر الصديق لما كان يوم
قوله تعالى: "إذ" قال هي من صلة "يبطل" . وفي قوله: ابن جرير: تستغيثون قولان .
أحدهما: تستنصرون . والثاني: تستجيرون . والفرق بينهما أن المستنصر يطلب الظفر ، والمستجير يطلب الخلاص . وفي المستغيثين قولان .
أحدهما: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قاله الزهري .
والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله فأما الإمداد فقد سبق في [ ص: 326 ] [آل عمران:124] . وقوله: بألف قرأ السدي . الضحاك ، "بآلاف" بهمزة ممدودة وبألف على الجمع . وقرأ وأبو رجاء: أبو العالية ، "بألوف" برفع الهمزة واللام وبواو بعدها على الجمع . وقرأ وأبو المتوكل: ابن حذلم ، والجحدري: "بألف" بضم الألف واللام من غير واو ولا ألف ، وقرأ أبو الجوزاء ، وأبو عمران: "بيلف" بياء مفتوحة وسكون اللام من غير واو ولا ألف . فأما قوله: مردفين فقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، "مردفين" بكسر الدال . قال والكسائي: ، ابن عباس وقتادة ، والضحاك ، والفراء: هم المتتابعون . وقال وابن زيد ، أبو علي: يحتمل وجهين .
أحدهما: أن يكونوا مردفين مثلهم ، تقول أردفت زيدا دابتي; فيكون المفعول الثاني محذوفا في الآية .
والثاني: أن يكونوا جاؤوا بعدهم; تقول العرب: بنو فلان مردوفونا ، أي: هم يجيؤون بعدنا . قال مردفين: جاؤوا بعد . وقرأ أبو عبيدة: نافع ، عن وأبو بكر ، "مردفين" بفتح الدال . قال عاصم: أراد: فعل ذلك بهم ، أي: إن الله أردف المسلمين بهم . وقرأ الفراء: معاذ القارئ ، وأبو المتوكل الناجي ، وأبو مجلز: "مردفين" بفتح الراء والدال مع التشديد . وقرأ أبو الجوزاء ، وأبو عمران: "مردفين" برفع الراء وكسر الدال . وقال : يقال: ردفت الرجل: إذا ركبت خلفه ، وأردفته: إذا أركبته خلفي . ويقال: هذه دابة لا ترادف ، ولا يقال: لا تردف . ويقال: أردفت الرجل: إذا جئت بعده . فمعنى "مردفين" يأتون فرقة . بعد فرقة ويجوز في اللغة: مردفين ومردفين ومردفين ، فالدال مكسورة مشددة على كل حال ، والراء يجوز فيها الفتح والضم والكسر . قال [ ص: 327 ] الزجاج الأصل مرتدفين ، فأدغمت التاء في الدال فصارت مردفين لأنك طرحت حركة التاء على الراء; وإن شئت لم تطرح حركة التاء ، وكسرت الراء لالتقاء الساكنين . والذين ضموا الراء ، جعلوها تابعة لضمة الميم . وقد سبق في (آل عمران) تفسير قوله: سيبويه: وما جعله الله إلا بشرى [آل عمران:126] ، وكان يقول: ما أمد الله النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذه الألف التي ذكرت في [الأنفال:10] ، وما ذكر الثلاثة والخمسة إلا بشرى ، ولم يمدوا بها; والجمهور على خلافه ، وقد ذكرنا اختلافهم في عدد الملائكة في [آل عمران:126] . مجاهد