فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم
قوله تعالى: فكلوا مما غنمتم قال : الفاء للجزاء . والمعنى: قد أحللت لكم الفداء فكلوا . والحلال منصوب على الحال . قال الزجاج إن الله غفور لما أخذتم من الغنيمة قبل حلها ، رحيم بكم إذ أحلها لكم . مقاتل: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ، يوم وخباب بن الأرت بدر على القبض ، وقسمها [ ص: 383 ] النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وانطلق بالأسارى ، فيهم العباس ، وعقيل ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب . وكان مع يومئذ عشرون أوقية من ذهب ، فلم تحسب له من فدائه ، وكلف أن يفدي ابني أخيه ، فأدى عنهما ثمانين أوقية من ذهب . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أضعفوا على العباس الفداء" فأخذوا منه ثمانين أوقية ، وكان فداء كل أسير أربعين أوقية . فقال العباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد تركتني ما حييت أسأل العباس قريشا بكفي . فقال له: "أين الذهب الذي تركته عند فقال: أي الذهب؟ فقال: "إنك قلت لها: إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا ، فإن حدث بي حدث ، فهو لك ولولدك" فقال: ابن أخي ، من أخبرك؟ فقال: "الله أخبرني" فقال أم الفضل"؟ أشهد أنك صادق ، وما علمت أنك رسول الله قبل اليوم; وأمر ابني أخيه فأسلما . وفيهم نزلت: العباس: قل لمن في أيديكم من الأسرى الآية . وروى عن العوفي أنها نزلت في جميع من أسر يوم ابن عباس بدر . وقال ابن زيد: لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتاه رجال ، فقالوا: لولا أنا نخاف هؤلاء القوم لأسلمنا ، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . فلما كان يوم بدر ، قال المشركون: لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستحللنا ماله ، فخرج أولئك القوم فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة فأما الذين قتلوا ، فهم الذين قال الله فيهم: الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم [النحل:28] . وأما الذين أسروا فقالوا: يا رسول الله أنت تعلم أنا كنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله . وإنما خرجنا مع هؤلاء خوفا منهم . فذلك قوله: قل لمن في أيديكم من الأسرى إلى قوله عليم حكيم . فأما قوله: إن يعلم الله في قلوبكم خيرا فمعناه إسلاما وصدقا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم من الفداء . وفيه قولان . [ ص: 384 ] أحدهما: أكثر مما أخذ منكم . والثاني: أحل وأطيب . وقرأ الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، "مما أخذ منكم" بفتح الخاء; يشيرون إلى الله تعالى . وفي قوله: وابن أبي عبلة: ويغفر لكم قولان .
أحدهما: يغفر لكم كفركم وقتالكم رسول الله ، قاله . الزجاج
والثاني: يغفر لكم خروجكم مع المشركين ، قاله ابن زيد في تمام كلامه الأول .