قوله تعالى: إن كثيرا من الأحبار الأحبار من اليهود ، والرهبان من النصارى . وفي الباطل أربعة أقوال .
أحدها: أنه الظلم ، قاله والثاني: الرشا في الحكم ، قاله ابن عباس . والثالث: الكذب ، قاله الحسن . والرابع: أخذه من الجهة المحظورة ، قاله أبو سليمان . والمراد: أخذ الأموال ، وإنما ذكر الأكل ، لأنه معظم المقصود من المال . وفي المراد بسبيل الله هاهنا قولان . القاضي أبو يعلى .
أحدهما: الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن عباس ، والسدي .
والثاني: أنه الحق والحكم .
قوله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها نزلت عامة في أهل الكتاب والمسلمين ، قاله أبو ذر ، والضحاك .
[ ص: 429 ] والثاني أنها خاصة في أهل الكتاب ، قاله معاوية بن أبي سفيان .
والثالث: أنها في المسلمين ، قاله ابن عباس ، والسدي .
وفي الكنز المستحق عليه هذا الوعيد ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه ما لم تؤد زكاته . قال كل مال أديت زكاته وإن كان تحت سبع أرضين فليس بكنز ، وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا على وجه الأرض وإلى هذا المعنى ذهب الجمهور . فعلى هذا ، معنى الإنفاق: إخراج الزكاة . ابن عمر:
والثاني: أنه ما زاد على أربعة آلاف ، روي عن أنه قال: أربعة آلاف نفقة ، وما فوقها كنز . علي بن أبي طالب
والثالث: ما فضل عن الحاجة ، وكان يجب عليهم إخراج ذلك في أول الإسلام ثم نسخ بالزكاة .
فإن قيل كيف قال: "ينفقونها" وقد ذكر شيئين؟ فعنه جوابان .
أحدهما: أن المعنى: يرجع إلى الكنوز والأموال .
والثاني: أنه يرجع إلى الفضة ، وحذف الذهب ، لأنه داخل في الفضة ، قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
يريد: نحن بما عندنا راضون ، وأنت بما عندك راض ، ذكر القولين . الزجاج
[ ص: 430 ] وقال إن شئت اكتفيت بأحد المذكورين ، كقوله: الفراء: ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا [النساء:112] ، وقوله: وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وأنشد:
إني ضمنت لمن أتاني ما جنى وأبى وكان وكنت غير غدور
ولم يقل: غدورين ، وإنما اكتفى بالواحد لاتفاق المعنى . قال أبو عبيدة: والعرب إذا أشركوا بين اثنين قصروا ، فخبروا عن أحدهما استغناء بذلك ، وتحقيقا; لمعرفة السامع بأن الآخر قد شاركه ، ودخل معه في ذلك الخبر ، وأنشد:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقيار بها لغريب
والنصب في "قيار" أجود ، وقد يكون الرفع . وقال حسان بن ثابت:
إن
شرخ الشباب والشعر الأس ود ما لم يعاص كان جنونا
ولم يقل يعاصيا