فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون
قوله تعالى: فرح المخلفون بمقعدهم يعني المنافقين الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك . والمخلف: المتروك خلف من مضى . "بمقعدهم" أي: بقعودهم . وفي قوله: خلاف رسول الله قولان .
أحدهما: أن معناه: بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله أبو عبيدة .
والثاني: أن معناه: مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو منصوب ، لأنه مفعول له ، فالمعنى: بأن قعدوا لمخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله . وقرأ الزجاج ابن مسعود ، وابن يعمر ، والأعمش ، "خلف رسول الله" ، ومعناها: أنهم تأخروا عن الجهاد . وابن أبي عبلة:
وفي قوله: لا تنفروا في الحر قولان .
أحدهما: أنه قول بعضهم لبعض ، قاله ابن إسحاق ، ومقاتل .
والثاني: أنهم قالوه للمؤمنين ، ذكره . الماوردي
وإنما قالوا هذا ، لأن الزمان كان حينئذ شديد الحر . قل نار جهنم أشد حرا لمن خالف أمر الله .
وقوله: يفقهون معناه: يعلمون . قال الفقه: العلم بالشيء . تقول: فقهت الحديث أفقهه; وكل علم بشيء: فقه ثم اختص به علم الشريعة ، فقيل لكل عالم بها: فقيه . ابن فارس:
قال المصنف: وقال شيخنا علي بن عبيد الله: الفقه في إطلاق اللغة: الفهم ، وفي عرف الشريعة: عبارة عن معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال [ ص: 479 ] المكلفين ، بنحو التحليل ، والتحريم ، والإيجاب ، والإجزاء ، والصحة ، والفساد ، والغرم ، والضمان ، وغير ذلك . وبعضهم يختار أن يقال: الفقه: فهم الشيء . وبعضهم يختار أن يقال: علم الشيء .