بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون .
قوله تعالى: بلى من كسب سيئة : بلى: بمنزلة "نعم" إلا أن "بلى" جواب النفي ، ونعم ، جواب الإيجاب ، قال إذا قال الرجل لصاحبه: ما لك علي شيء ، فقال الآخر: نعم ، كان تصديقا أن لا شيء له عليه . ولو قال: بلى; كان ردا لقوله . قال الفراء: وإنما صارت "بلى" تتصل بالجحد ، لأنها رجوع عن الجحد إلى التحقيق ، فهي بمنزلة "بل" و"بل" سبيلها أن تأتي بعد الجحد ، كقولهم: ما قام أخوك ، بل أبوك . وإذا قال الرجل للرجل: ألا تقوم؟ فقال له: بلى; أراد: بل أقوم ، فزاد الألف على "بل" ليحسن السكوت عليها ، لأنه لو قال: بل; كان يتوقع كلاما بعد بل ، فزاد الألف ليزول هذا التوهم عن المخاطب . [ ص: 108 ] ومعنى: ابن الأنباري: بلى من كسب سيئة : بل من كسب . قال بلى: رد لقولهم: الزجاج: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة والسيئة هاهنا: الشرك في قول ابن عباس ، وعكرمة ، وأبي وائل ، وأبي العالية ، ومجاهد ، وقتادة ، ومقاتل .
وأحاطت به أي: أحدقت به خطيئته . وقرأ "خطيئاته" بالجمع . قال نافع مات ولم يتب منها ، وقال عكرمة: الخطيئة: صفة للشرك . قال أبو وائل: أبو علي: إما أن يكون المعنى: أحاطت بحسنته خطيئته ، أي: أحبطتها ، من حيث أن المحيط أكثر من المحاط به ، فيكون كقوله تعالى: وإن جهنم لمحيطة بالكافرين [ التوبة: 49 ] وقوله أحاط بهم سرادقها [ الكهف: 29 ] أو يكون معنى أحاطت به: أهلكته ، كقوله: إلا أن يحاط بكم [ يوسف: 66 ] .