ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم .
قوله تعالى: ولله المشرق والمغرب .
في نزولها أربعة أقوال . أحدها: أن الصحابة كانوا مع رسول الله في غزوة في ليلة مظلمة ، فلم يعرفوا القبلة ، فجعل كل واحد منهم مسجدا بين يديه وصلى ، فلما أصبحوا إذا هم على غير القبلة ، فذكروا ذلك لرسول الله ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . رواه والثاني: أنها نزلت في التطوع بالنافلة ، قاله عامر بن ربيعة . والثالث: أنه لما نزل قوله تعالى: ابن عمر . ادعوني أستجب لكم [ غافر: 60 ] قالوا إلى أين: فنزلت هذه الآية ، قاله مجاهد .
والرابع: أنه لما مات وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه; قالوا إنه كان لا يصلي إلى القبلة; فنزلت هذه الآية ، قاله النجاشي ، قتادة .
قوله تعالى: فثم وجه الله فيه قولان . أحدهما: فثم الله يريد: علمه معكم أين كنتم ، [ ص: 135 ] وهو ابن عباس ، والثاني: فثم قبلة الله ، قاله ومقاتل . ومجاهد . والواسع: الذي وسع غناه مفاقر عباده ، ورزقه جميع خلقه . والسعة في كلام عكرمة ، العرب: الغنى .
فصل
وهذه الآية مستعملة الحكم في المجتهد إذا صلى إلى غير القبلة ، وفي صلاة المتطوع على الراحلة ، والخائف . وقد ذهب قوم إلى نسخها ، فقالوا: إنها لما نزلت; توجه رسول الله إلى بيت المقدس ، ثم نسخ ذلك بقوله: وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره [ البقرة: 144 ] .
وهذا مروي عن قال شيخنا ابن عباس . علي بن عبيد الله: وليس في القرآن أمر خاص بالصلاة إلى بيت المقدس ، وقوله: فأينما تولوا فثم وجه الله ليس صريحا بالأمر بالتوجه إلى بيت المقدس ، بل فيه ما يدل على أن الجهات كلها سواء في جواز التوجه إليها ، فإذا ثبت هذا; دل على أنه وجب التوجه إلى بيت المقدس بالسنة ، ثم نسخ بالقرآن .